والتمس أن ينفذ معه من يدله عليه ويسلمه إليه، وقد بذلت له ألف دينار عند صحة قوله، أو نيله بالعقوبة إن كان كاذباً فيه، فرضي بذلك. فاكتب إلى محمد الساعة أن ينتقل عن موضعه أين كان، فإنني على إنفاد من يكسبه ويطلبه. ولم يزل ابن الفرات يحث العباس الحاجب في جمع الرجال، وهو يذكر إنفاذ من يجمعهم على اختلاف وتباعد منازلهم، ويدفع بالأمر، إلى أن عاد جواب محمد إلى أبي بشر يشكر ما فعله، وبأنه قد تحول من مكانه إلى غيره. فسأل حينئذ العباس عمن اجتمع من الرجال فقال: خمسمائة نفر. وأمره بأخذ الرجل وأخذهم وقصد الموضع الذي يذكره والاحتياط عليه من سطوحه وجوانبه، وكبسه بعد ذلك وتفتيشه، والقبض على محمد بن داود إن وجده وحمله، وإن لم يجده رد الرجل معه. فمضى العباس، وعمل ما رسمه له ابن الفرات، فلم يصادف أحداً، وعاد والرجل معه، وأمر ابن الفرات بضربه مائتي سوط على باب العامة، وشهره على جمل والنداء عليه. وطالع المقتدر بالله بما فعله فاستصابه. ولما خلي الرجل الساعي بمحمد بن داود بعد ما لحقه أعطاه ابن الفرات مائتي دينار وحدره إلى البصرة وقال لابن فرجويه: ما كذب الرجل في قوله وإنما عاقبناه على شره. وكان سوسن الحاجب يدخل مع العباس بن الحسن في التدبير، فلما وزر أبو الحسن بن الفرات لم يجر هذا المجرى، فثقل عليه ذلك، وشاع الحديث بأن سوسناً قد عمل على قتل ابن الفرات في دار الخلافة وواقف عليه جماعة من الغلمان الحجرية، وأشار على المقتدر بالله بإحضار محمد بن عبدون وتقليده الوزارة، وضمن عنه استخراج أموال كثيرة من ابن الفرات، ونفذ بني بن نفيس إلى الأهواز