الوزير أبو الحسن أبوه ينكر عليه ما فعل، وانصرفا مكرمين، وزالت البلية المخوفة بانسلال تلك الرقعة من بين الرقاع المأخوذة، ولله الحمد والمنة.
وحدث أبو علي قال: خرج إلي في يوم من أيام وزارة أبي الحسن علي بن الفرات الأخيرة وقد ابتدأ المحسن ابنه في مصادرة الناس وقتلهم، وقتل أحمد بن حماد الموصلي وغيره سعيد وعبد الله إبنا الفرخان، وأنا في ديوانهما فقالا لي: كنا الساعة مع الوزير في أمر طريف. قلت: فما هو؟ قالا: قال لنا: عمل أبو معشر مولدي، وحكم فيه بأشياء عظيمة صحت كلها وقال: إن علي في سنة سبعين من عمري نكبةً عظيمة يكون سببها بعض ولدي وأنا في السبعين. وقد دخل هذا الفتى أعني المحسن ولده من مكاره الناس فيما نسأل الله السلامة من عاقبته. قلت لهما: فأي شيء قلتما له؟ قالا: ما قلنا له شيئاً. قلت: قد غششتماه، فإنه كان يجب أن تشيرا عليه بقبض يده وصرفه، وأن يستعمل من الخير ما يقربه إلى الله وإلى الناس. قالا: لم نجسر على أن نواجهه بهذا الرأي، ولكن أباك متمكن منه، فقل له حتى يشير عليه به. فقلت: أبي لا ينكب بنكبته، وأنتما أولى بالاشفاق عليه، وعلى نفوسكما. قال أبو علي: وكنت قد حصلت طالع وقت نظره ومولده المحسن ابنه. فجلعت أنظر فيهما وأسير الكواكب منهما حتى عرفت من ذلك يوم نكبته، وصرت إلى أبي بشر بن فرجويه قبل ذلك بخمسة عشر يوماً فذكرته له ونبهته عليه، وحذرته من أن يقع كما وقع في الدفعة الوسطى. فقال لي: ما أصنع وأنا منوط بهذه الأعمال التي ترى. وبماذا أحتج على صاحبي؟ قلت: تعالل وتأخر. قال: لا يتم لي ذلك إلا بأمره. قلت: فالله الله أن تحكي له ما عرفتك إياه شيئاً؛ فإنه يقبح مواجهته به. ولكن اذكر ما عليه الناس من