عليه من تقرر الأمر لأبي القاسم الخاقاني وقرب تقلده إياه، وأنه قد أحكم له ما يريد منه. وأجابه بشر في تضاعيفها بما شاكل الابتداء من غير تحفظ ولا تحرز، فاختلطت الرقعة بين يدي أخي بمكاتبات وحسبانات ضيعته وغير ذلك مما لا فكر فيه.
وكتب أبو أحمد عبيد الله بن محمد أخو أبي إبراهيم موسى بن محمد وكان يتولى نصيبين إلى المحسن بما قال فيه: إن أردت ابن عينونة وعبد الرحمن بن عيسى ابن داود فهما عند ابن القنائي. فما شعر أبي وأخي في يوم الأحد النحس إلا بمريب خادم المحسن قد كبسهما في جماعة من الرجالة، وفتش جميع الدور والحجر والبيوت، ولم يبق غايةً إلا بلغها في الاستقصاء والاحتياط. فلما لم ير أحداً عدل إلى ما كان بين أيديهما من رقاع وحساب، فجمعه وحمله إلى المحسن، وفي جملته رقعة بشر المشتملة على العجائب. ورأى أخي ذلك، فمات في جلده، ولم يقصد داري أحد اكتفاءً بما جرى على دار أبي وأخي، وعلم ابن عينونة، وكان في الوقت سكران لا فضل فيه لحركة.
فحدثني أبو منصور فرخانشاه صهرنا قال: كان خبر الرقعة عندي، وقد علمت أنها حصلت في جملة ما أخذه مريب من الرقاع التي بين يدي أبي يعقوب. فأنا على مثل النار للإشفاق عليه منها، ولم أزل أمشي خلف مريب وهو متأبط لما أخذه إذا انسلت الرقعة بعينها بتفضل الله جل وعز من بين سائر الكتب والرقاع، وسقطت إلى الأرض ولم يشعر مريب بها، وأخذتها أنا وبادرت إلى مستراح وطرحتها فيه، وهدأت نفسي عند ذلك. قال أبو علي بن هبنتي: ومضى أبي وأخي مع مريب إلى المحسن، ووقف على الكتب والرقاع وقرأها، فما وجد شيئاً أنكره وخاطبهما بالجميل والاعتذار، وعرفهما السبب الذي من أجله أنفذ إليهما. وكتب