ومن أطرف طريف أن السلطان أطال الله بقاءه يذكر القضاة والشهود بالأجل والجليل. وقاضي القضاة يوقع إليهم بما يقول فيه: أبو فلان فلان بن فلان أيده الله يفعل كذا. ومعلوم أن ذلك مما يتفاوت ويتباين ولا يتناسب، وعهد وأنا أوقع في قصص المتظلمين في أيام صمصام الدولة عن أبي إسحاق جدي في ديوان الانشاء إلى قضاة الحضرة الناظرين فيها: أبو فلان فلان بن فلان القاضي أعزه الله، والقاضي مؤخر، وربما تقدم لمن تميز. وإلى قضاة النواحي: فلان بن فلان الحاكم، بغير كنية ولا دعاء ولا ذكر قضاء. وأما المناشير فلم تجر العادة فيها بذكر أحد بكنية ولا دعاء. وقد فعل في زماننا ذلك على الزيادة والتناهي. والعلة في ألا يذكر الناس بالكنية والدعاء أن ذكر السلطان يكون فيها بألقابه خاصةً من دون الدعاء، فلا يجوز أن يقع التميز عنه. فظاهر قولنا: هذا كتاب من فلان لفلان، إخبار عن الكتاب ولذلك يقال في الكتب عن الخلفاء: من عبد الله أمير المؤمنين إلى فلان، إما بلقب ونية بغير لقب أو باسم دون الكنية واللقب. ولا يدعى للمكتوب عنه حتى إن استتم التصدير استوقف الدعاء بعد قولهم: أما بعد. فقيل: أما بعد، أطال الله بقاءك وأمتع بك. وما شاكل ذلك وما كان الأصل. فما تغير عن الرسوم الصحيحة واستوقف من هذه الفقاقيع الطريفة إلا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان. فإن القادر بالله صلوات الله عليه منعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015