ومن بعدهم من أصحاب الجيوش وأمراء العرب والأكراد، وخلفاء الوزراء ومن جرى مجراهم بالأجل. على الكناية. ويجمعون في الأجل بين وجوه الكتاب والأتراك والحواشي وحتى القضاة والشهود. فأما الألقاب فقد خرجت عما يحاط به ويوصف أو يأتي عليه حصر، وصار لقب الأصغر أعظم من لقب الأكبر. ومن أنموذج هذا الإفراط والاختلاط أنني كنت أشاهد الوزراء في آخر أيام عضد الدولة، وأيام صمصام الدولة يذكرون عنهما بأبي فلان فلان بن فلان أدام الله عزه. وأراهم وأرى خلفاءهم وأصحاب الدواوين ونطراءهم وزعماء الجيوش ومن يتلوهم من القواد وخواص الناس من سائر الأصناف ينزلون من دوابهم في الباب العام من دار المملكة في أماكن ما يقنع اليوم بما كان الوزراء إذ ذاك منها كاتب طائفة من الأتراك، وكان البوابون يدعون بدابة الوزير غلام الأستاذ، مطلقاً بغير كنية. ومن بعده بالكني الذين يفضلون في مراتب أربابها بإعلاء الصوت وخفضه. وبعد المدى وقربه، ويقتصرون في الأقل الأدنى على اللفظ المدغم الذي لا يرفع ولا يكاد يسمع، هذا فيمن يتميز أدنى تميز. فأما الجمهور الأكبر فلا يفعل معهم ذلك، وأوسط الكتاب والحواشي يدعى بدابته اليوم بغلام الرئيس الأجل، والأجل مع اللقب إن كان، مع غير تمييز ولا ترتيب. لا جرم أن الرتب قد نزلت لما تساوت، وسقطت لما توازت. ولم يبق لها طلاوة يشار إليها ولا حلاوة يحافظ عليها. حتى لقد بلغني عن مولانا الخليفة القائم بأمر الله أطال الله بقاءه أنه قال: لم تبق رتبة لمستحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015