بعد فخر الملك أبي غالب من مخاطبة أحد من الوزراء بمولانا. فلما ورد أبو محمد بن سهلان إلى بغداد كتب إليه: بسيدنا. فأنكر أبو محمد ذلك، ورمى بالرقعة وقال: يزيدني وينقصني عما كان يخاطب به أبا غالب، لا أرضى بهذا ولا أقبله ولا أقرأ له رقعة به. ومضت مدة فكتب إليه: بالحضرة العالية الوزيرية على ما يكتب الآن فاستنكر ذلك وقال: هذا فرار من: مولانا. ولا أقنع به. فقيل له: هذا أجل وأعظم، وأعلى وأفخم، وما منعك من: مولانا. إلا لأن الخليفة حظر عليه خطاب أحد بمولانا سواه. فقبل هذا القول وتصور زيادةً به لا نقيصةً. فاقتفى الناس أثره فيه. ثم أخرج أبو الحسن في ذكر الخليفة: الحضرة المقدسة النبوية. اختراعاً جعله قربةً فصار سنةً، وأشرك به: السدة النبوية. ومضى من هذا الفن ما خرق به العرف والعادة، وأسقط معه القوانين القديمة المعهودة، وتجاوز هذه المنزلة إلى أن صارت كتابته عن الخليفة بالخدمة، وتصرف في ذلك حتى قال: قالت الخدمة، وفعلت الخدمة، وسئلت الخدمة. حتى رأيت بخط أبي الحسن بن أبي الشوارب القاضي في ترجمة رقعة: خادم الخدمة الشريفة فلان بن فلان. ومضى من يعرف الأصول، ونشأ من لم يعرف ولم يسمع إلا بهذه الفروع، فخالها الصحيح، وتعدى الأمر من حال إلى حال، في الباطل والانتقال، حتى أفضى هذا إلى الاختلال والانحلال.