كان يتقلد أمر الجيش وقبض عليه مع أصحاب عبد الله بن المعتز، ومات في حبس مؤنس رفعن إلى أبي الحسن بن الفرات أن وكيلاً كان لأبيهن غلبهن على ماله وأنكرهن إياه، وابتاع عقارات ومستغلات به. فنظر إليهن نظراً رق فيه لهن، ودمعت عيناه عطفاً عليهن ورأفة بهن، وتقدم بإحضار الوكيل. فلما حضر خاطبه على ما ادعينه عليه، فأنكر أن يكون محمد بن سعيد خلف في يده مالاً، وجحد ذلك جحداً شديداً. وأمر الوزير أحد أصحابه بالمسألة عن حال الرجل وما كان يتصرف فيه قبل أن يصحب محمد بن سعيد، وما تصرف فيه بعده، وإعلامه ذلك على صحة. فامتثل صاحبه ما رسمه له، وعاد وعرفه أن هذا الوكيل ما تصرف قبل محمد بن سعيد ولا معه ولا بعده تصرفاً يقتضي كسبه الذي في يده. فأعاد إحضاره، ولم يزل يراوضه إلى أن اعترف عنده ببعض ما ادعي عليه، وأشهد لبنات محمد بن سعيد بشيء من العقار الذي كان ابتاعه. فأحياهن بما استخلصه لهن، وسترهن بما أعاده إليهن.
وذكر أبو القاسم بن زنجي أن أبا الحسن بن الفرات خوطب في معنى أسماء بنت عيسى أخت أبي الحسن علي بن عيسى وزوجة علي بن محمد بن داود، وعرف رقة حالها واختلال أمرها، فرد عليها الضيعة المقبوضة عن محمد بن داود بكوثي ونهر درقيط، وأجرى عليها خمسمائة درهم في كل شهر من ماله. فلما تقلد أبو الحسن علي بن عيسى أخوها منعها ذلك. ووجدت ثبتاً بما كان أبو الحسن بن الفرات يخاطب به السيدة والأمراء وأولاد الخلفاء والولاة والكبراء وأصحاب الأطراف وعمال الأعمال وسائر الطبقات في كتبه توقيعاً به إليهم أيام وزراته الثالثة. وقد تغيرت الرسوم ووهت الأمور