وحدث أبو الحسين قال: عرض أبو أحمد المحسن على أبيه عملاً من أعمال المغرب الذي كان يتولى ديوانه، وقد أخطأ المحرر له فكتب سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وأراد سنة ثلاث وثلاثمائة. فقال الوزير أبو الحسن: هذا غلط وكان يجب أن يكون سنة ثلاث وثلاثمائة. فأظهر المحسن الغيظ على الكاتب، فقال له الوزير: كأني بك عند خروج وقد استدعيته ووبخته وعنفته. فبحياتي عليك إن فعلت وعامل كتابك وأصحابك بفضل الحلم وحسن العشرة ولطف القول فإن الناس لا يخلون من السهو. وكانت عادته جاريةً مع كتابه إذا وقف لهم على خطأ فيما يعملونه أن يواقف صاحبه عليه من غير إنكار ولا تهجين، ثم يسلم العلم إليه ليتولى إصلاحه، وإن طعن أحدهم على صاحبه في عمله أنكر قوله ورده وسهل على المطئ خطأه وأقام فيه عذره. وحدث محدث أن أحمد بن أيوب صاحب خبره رفع إليه يذكر أنه كان له في وزارته الأولى سبعة دنانير برسم النوبة. فلما تقلد الخاقاني قطعها وجعلها لرجل أسماه وسأله ردها عليه، فوقع على ظهر رقعته: أما إسقاط الرجل المثبت فلا أراه ولا أستجيزه، ولكن اطلب رسم رجل ساقط بأكثر من هذا الرزق لأوقع لك به، وقد بلغني أن هذا البائس قد التزم على ما أثبت باسمه جملةً. ثم وقع لأحمد بن أيوب بمثل ما كان له. وعرض عليه كتاب من صاحب ديوان الجيش أو صاحب الإعطاء يذكر فيه أنه قد توفر من جاري جماعة من المشايخ والزمني ومن يجري أمره هذا