من عند الوزير أبي الحسن سمعت أحدهما يدعو له. فقلت له: ما شأنك؟ قال: لما سمع خصمي بهذا فر وعلم أن التوقيع كان بتسليم الدكاكين إلى أبي.
وقال الحسين الخادم المعروف بالمخلدي: سمعت خفيفاً لسمرقندي الحاجب يقول للمكتفي بالله: الخليفة الماضي لم يستغن عن ابني الفرات ووزيره عبيد الله ابن سليمان، كيف تستغني أنت عنهما ووزيرك القاسم؟ قال القاضي أبو علي التنوخي: أنشدني أبو الحسين علي بن هشام لنفسه لما قتل أبو الحسن بن الفرات:
فرات غاض من آل الفرات ... ففاض عليه دمع المكرمات
سماءٌ غودرت في بطن أرضٍ ... وبحر غاض في بعض الفلاة
عسى الأيام آخذةً بثأرٍ ... فتأخذ لي بثأر المأثرات
وحدث القاضي أبو علي قال: حدثني أبو الحسين علي بن هشام قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات يتحدث في مجلسه قال: كنا بعد وفاة أبينا وقبل تصرفنا مع السلطان نقدم إلى بغداد من سر من رأى فنقيم بها المدة بعد المدة، ونتفرج ثم نعود، وننزل إذا وردنا شارع عمرون بن مسعدة بالجانب الغربي، فبكرنا يوماً نريد بستاناً، فإذا بخالد الكاتب والصبيان يولعون به، وقد اختلط وهو يرجم ويشتم، ففرقناهم عنه، ومنعناهم منه، ورفقنا به، وسألناه أن يصحبنا وأنزلنا أحد غلماننا من مركوبه وأركبناه، وحملناه إلى البستان. فلما أكل وسكن وجدناه متماسك العقل، بخلاف ما رأيناه عليه، وظنناه به، وسمعناه عنه، فقلنا له: