وذكر أبو علي الصولي قال: خرجت يوماً مع أبي العباس النوفلي من دار أبي الحسن بن الفرات مع صلاة المغرب، فخرج معنا فراشان بشمعتين، فلما نزلنا إلى السميرية دفعا الشمعتين إلى غلماننا، فرددناهما وامتنعنا من أخذهما، فقالا: قد أمرنا بأن ندفع إلى كل من يخرج من الدار عند اصفرار الشمس شمعةً. فقلنا: قد قبلناهما ووهبناهما لكما. فقالا: تريدان أن نعاقب ونصرف؟ وتركاهما ومضيا.
وحدث أبو الفضل بن الوارث قال: لما قبض على أبي الحسن بن الفرات في وزارته الأولى نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف إنسان ما بين مائة دينار في الشهر إلى خمسة دراهم، ونصف قفيز دقيقاً إلى عشرة أقفزة. وحدث أبو العباس أحمد بن العباس النوفلي وكان جليساً لبني الفرات قال: سمعت الوزير أبا الحسن قبل الوزارة يقول: ما رأيت أحداً قط في داري أو على بابي ليس لي عنده إحسان إلا كنت أشد اهتماماً بإيصال ذلك إليه منه والاحتيال له. وحكي أن أبا الحسن بن الفرات ألس يوماً للمظالم في سنة ثمان وتسعين ومائتين. فتقدم إليه خصمان في دكاكين بالكرخ. وتأملهما فقال لأحدهما: أرفعت إلى قصة في سنة اثنتين وثمانين في هذه الدكاكين؟ ثم رجع فقال له: سنك تصغر عن هذا. فقال: ذاك أبي. فقال: نعم، قد كان رفع قصةً فوقعنا له فيها. ثم وقع بإخراج رفع القصص والتوقيعات في سنة اثنتين وثمانين من الديوان. وقال للخصمين: كونا ها هنا. قال بعض من حضر المجلس: فلما خرجت