حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره بنحوه.
وذكر ابن عبد البر أيضا: (أن الله تعالى أوحى إلى جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا قال: يارب إن فيهم فلانا العابد، قال: به فابدأ، إنه لم يتمعر وجهه فيّ يوما قط) وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره بنحوه.
وروى أبو نعيم في الحلية من حديث مكحول عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه مرفوعا، قال: (يؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له ذنبا فيقول له: هل كنت توالي أوليائي، قال: كنت من الناس سلما، قال: فهل كنت تعادي أعدائي، قال: رب لم يكن بيني وبين أحد شيء، فيقول الله عز وجل: لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي).
إذا علم هذا فأهل العقل المعيشي لا يرون بمداهنة البدع والفسوق والعصيان بأسا، وكثير منهم لا يرون بمداهنة الكفار والمنافقين بأسا. وبعض أهل الجهل المركب منهم ينكرون على من يهجر أهل البدع والفسوق والعصيان ويكفهر في وجوههم ويعدون ذلك من الهجر الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لا تهاجروا) وقوله: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث). وقد سمعت هذا من بعض الخطباء والقصاص منهم والحامل لهم على التسوية بين الهجر الديني وهو ما كان لله وبين الهجر الدنيوي وهو ما كان لحظ النفس لا يخلو من أحد أمرين: