فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ وجزع لَهُ. وَدخل عَلَيْهِ السيّاريّ الشَّاعِر، فَأخْبرهُ بالقصة، فَقَالَ: أخلاك من كل الهموم سُقُوطه ... وأتاك بالفرج انفراج الْخَاتم قد كَانَ ضَاقَ ففكّ حَلقَة ضيقه ... فامسك، فَمَا ريب الزَّمَان بدائم فَمَا أَمْسَى حَتَّى ارْتَفَعت الداعية لمَوْت الْهَادِي، وَصَارَ الْأَمر إِلَى الرشيد، فَأمر للسيّاري بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم. وَلما خرج طَاهِر بن الْحُسَيْن إِلَى محاربة عَليّ بن عِيسَى بن ماهان، جعل ذَات يَوْم فِي كمّه دَرَاهِم للصدقة على الْفُقَرَاء، ثمَّ أسبل كمّه (نَاسِيا، فانتفضت الدَّرَاهِم مِنْهُ) . فتطير من ذهابها فِي غير وَجههَا، (واغتم لذَلِك) ، فانتصب لَهُ من قَالَ: هَذَا تفرق جمعهم لَا غَيره ... وذهابه مِنْهُ ذهَاب الْهم شَيْء يكون الْهم نصف حُرُوفه ... لَا خير فِي إِمْسَاكه فِي الْكمّ فتسلى بِهِ، وَأمر لَهُ بصلَة. وَلم يدر الْأُسْبُوع حَتَّى ظفر بِابْن عِيسَى. وَكَانَ الأفشين بأزاء بابك يحاربه، فانكسر يَوْمًا سَيْفه، فتطير مِنْهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ شَاعِر كَانَ مَعَه: إِن انكسار السَّيْف كير للعدى ... وبكسره أجناد بابك يكسروا هذاك فأل للظنون مُحَقّق ... وكأنني بِالْفَتْح لَاحَ، فأبشروا