وَقيل لِقَتَادَة: مَا بَال العميان أذكى وأكيس من البصراء، فَقَالَ: لِأَن أَبْصَارهم تحولت إِلَى قُلُوبهم. وَقَالَ الجاحظ: العميان أحفظ وأذكى، واذهانهم أقوى وأصفى، لأَنهم غير مشتغلي الأفكار بتمييز الْأَشْخَاص، وَمَعَ النّظر يتشعب الْفِكر، وَمَعَ انطباق الْعين اجْتِمَاع اللب، وَلذَلِك قَالَ بشار: عميت جَنِينا، والذكاء من الْعَمى وَكَانَ أَبُو يَعْقُوب الخزيمي يَقُول: من فَضَائِل الْعَمى ومحاسنه ومرافقه اجْتِمَاع الرَّأْي والذهن وَقُوَّة الْكيس وَالْحِفْظ، وَسُقُوط الْوَاجِب من الْحُقُوق، والأمان من فضول النّظر الداعية إِلَى الذُّنُوب، وفقد النّظر إِلَى الثُّقَلَاء والبغضاء، وَحسن الْعِوَض عَن متراخي الوجد فِي دَار الثَّوَاب. وأنشدني أَبُو الْقَاسِم الطهمانيّ، قَالَ: أَنْشدني أَبُو مُحَمَّد الْهَاشِمِي، قَالَ: أَنْشدني مَنْصُور الْفَقِيه الْمصْرِيّ لنَفسِهِ: يَا معرضًا إِذْ رَآنِي ... لما رَآنِي ضريرا كم قد رَأَيْت بَصيرًا ... أعمى، وأعمى بَصيرًا قل لي، وَإِن إنت أنصف ... ت قلت خلقا كثيرا
تَحْسِين الْوحدَة
أَنْشدني مَيْمُون بن سهل الوَاسِطِيّ، قَالَ: أَنْشدني القَاضِي