دَاعِي ربه. نفذ قَضَاء الله فِيهِ. لحق بالسبيل الَّتِي لَا احْتِرَاز مِنْهَا. انْتقل إِلَى جزار ربه. دَعَاهُ الله فَأجَاب دَعَاهُ ولبى نداه. نَقله الله إِلَى دَار رضوانه وَمحل غفرانه. انْقَلب إِلَى كَرَامَة الله وعفوه. كتب لَهُ سَعَادَة المحتضر، وأفضى بِهِ الْأَمر إِلَى الْأَجَل المنتظر. طرقه طَارق الْمِقْدَار، وَاخْتَارَ الله عَزله بنقله من دَار الْبَوَار إِلَى دَار الْقَرار.
قَالَ ابْن التوأم: الْكَذِب فِي مواطنه كالصدق فِي موَاضعه، وَلَكِن الشَّأْن فِيمَن يُحسنهُ وَيعرف مداخله ومخارجه، وَلَا يجهل تزاويقه ومضايقه، وَلَا ينساه بل يحفظه. وَمَعْلُوم أَن من أجل الْأُمُور فِي الدُّنْيَا الْحَرْب وَالصُّلْح، وَلَا بُد فيهمَا من الْكَذِب. أما الْحَرْب فَهِيَ خدعة كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَأما إصْلَاح ذَات الْبَين فالكذب فِيهِ مَحْمُود، لما فِيهِ من الصّلاح، وَقد رخص فِيهِ السّلف. وَلَا خلاف فِي أَن الشّعْر ديوَان الْعَرَب ولسان الزَّمَان، وَأحسنه أكذبه. وَكَذَلِكَ الْكِتَابَة لَا تحسن إِلَّا بِشَيْء مِنْهُ. وَقد جَاءَ فِي الْمثل " أظرف من كذوب ". قَالَ الْأَعْشَى: فصدقتها وكذبتها ... والمرء يَنْفَعهُ كذابه وَكَانَ الْعُتْبِي يَقُول: إِنِّي لأكذب فِي كبار مَا يَنْفَعنِي، لأصدق فِي صغَار مَا يضرني. وَقيل لجَعْفَر الصَّادِق رَضِي الله عَنهُ: رُبمَا نكذب الظلمَة مَخَافَة شرهم أفنأثم فِيهِ؟ فَقَالَ: بل يثيبكم الله تَعَالَى عَلَيْهِ.
تَحْسِين الوقاحة
الوقاحة كالقداحة، لولاها لما استعر لَهب، وَلَا اشتعل حطب.
سَمِعت أَبَا الْقَاسِم عبد الصَّمد بن بابك يَقُول: كَانَ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن