مقال الجريدة الأول
الأدب العربي في الجامعة المصرية
قالوا إن فئة القائمين بامر هذه الجامعة قد تعجلوا لنا العمل في هذه السنة
فلم يُطَيبوا ولم يُتضجوا لمكان العجلة من تلك الحال، وعُقم الأمة بالنابغين من
الرجال. ولذلك جعلوا الدروس فيها محاضرات من مستطرف الأحاديث
ومستظرف النوادر والأمالي في تاريخ الحضارة والبلدان والآداب الأجنبية وطرف مما تعتبر به اللغة، ثم هم في الغابر يستحدثون الجديد ويطرحون أيديهم في العمل المفيد متى تمت لهم الأداة واجتمعت القوة ولفَّ شملهم بأولئك الفضلاء الذين أنفذوهم إلى أوروبا، وكذلك قالوا إنهم بادروا العمل وما تلبثوا إلا يسيراً، تنزيهاً لعهدهم، وتفادياً من سوء المؤاخذة على الرَّسْلة ووناء الهمم، ولأن الفائدة لا ينفيها أن تكون من القليل إذا لم يتهيأ أكثر منه، فإن لجلجة المضغة عند الجوع خير من جمود الفكين!.
ونحن نؤمن بكل ذلك ولا نحاول أن ندلس على عيب أمتنا ونكتم
نقائصها، فقد لا يستقيم هذا الأمر عندنا إذا ابتدأ كاملاً، وإن من يركم أحجار البناء كلها في فضاء الأرض لا يبلغ أن يكون بذلك قد رفع بناء، بل لا بد من إمساك الحجر بالحجر على نسبة معينة في التنسيق والاطراد، وما قط ابتُغِيت حاجة من غير مَبغاتها.
ونزيدهم على هذا أيضاً أننا أمة ترك بها الزمانُ ما ترك من عادة وخُلق بين
سيئ وحسن، فلا تجتمع على بغض ولا رضا، ولا يزال بعضها حرباً لبعض
في العادات والأخلاق، كما تكون الأمم في أول جهادها للتقدم، وتلك هي
المزلَّة التي يهوي فيها الأساة، والمنزلة التي يحارُ بها الهداة؛ فلو قذفتنا المقابر
بمن فيها من الفلاسفة وحكماء المجتمع ما زادوا على أن يبتدئوا تعليمنا
بالقليل، ولكن ليس كل قليل لازماً، بل أخرِ في ذلك أن يكون شيء ألزم من شيء.
فلا سبيل إلى عذر القوم في إغفال الأدب العربي وهم قد نصُّوا في دستور