أناتول فرانس وغلوه في الاشتراكية الخ؛ فأجابهم: قولوا فيه من هذه الجهة ما شئتم، إلا أنه حفظ اللغة.
وهي جملة شهيرة يحفظها الجميع في باريس.
نعم يقدر العربي أن لا يكون صحيح العقيدة ولا مسلماً؛ ويكون نِصاب اللغة عنده القرآن والحديث وكلام السلف، لأنها هي الطبقة العليا التي تصح أن تكون مثلاً، ولكن ليس هذا مراد هذه الفئة التي تريد حرباً وتوزي بغيرها، تبغي نقض قواعد القرآن - التي هي السد الأمنع الحائل دون الاستعمار والثقافة الإفرنجية وغيرها - وتأتي ذلك من طريق نبذ القديم والبالي والأخذ بالجديد والحالي، ولا يوجد مع الأسف كثيرون ممن ينتبهون لهذه السفسطة ويعلمون مرمى هذه الدعاية، بل إن كثيراً من نشئنا ومن عامتنا هم من فخ إلى فخ. . . ومن جملة هذه الأشراك أن القرآن حائل دون القومية العربية لا يفسح لها مجالاً، فتراهم ينصبون لها العداوة.
وأمراض العقول كثيرة كأمراض الأبدان، ولكن أمراض القلوب هي التي لا حيلة فيها. . . هذا لمان بعضاً من أدعياء الجديد - لا دعاة الجديد - لا يحاربون القرآن ولا الشرع عن بحث وتدقيق ومقايسة ومقابلة يتبعون المعقول قديماً كان أو جديداً ويرتادون المفيد مُعرَّقاً كان أو محدثاً كلا، بل هم قد اختاروا مذهبهم من قبل فرجحوا كل جديد كيف كان وبدون محاكمة، وذلك ليقال إنهم رقاة عصريون، أما نظرية أخذ الأحسن من كل شيء، واختيار الأوفق من أي جهة جاء، فهذه ليسوا منها بسبيل، وإنما يؤثرون الشيء إذا علموا أن بعض أمم الإفرنجية أخذت به.
ولما وافقت هذه الفئة في تركيا على منع المسكرات لم يكن السبب في هذه الموافقة ضرر المسكرات أو النهي الشرعي، بل حرموا الخمور لمجرد كون أمريكا حرمتها!
وخذ لك هذا المثال:
كنا في مجلس المبعوثين في الآستانة، وكان من زملائنا زهراب أفندي
الأرمني الشهير، ولم يكن علمه وذكاؤه بأقل من شهرته، وكان يصعب على