الجامعة، بيد أن عمله يُشعر بأنه يعتقد أن الجامعة هي هو، وأنه إن فاتها صنيعُه لم ينفعها صنيع أحد من بعده، فكأنها فكرة بعينها ليس لها غيره وغير طه، فإذا لم يكونا لم تكن؛ لأن غيرهما لا يعمل فيها ثم، كأنَّ الفكرة مع ذلك لا تُؤمَن عليها الأمةُ ولا الحكومة. . . ولا تستقيم مع إشرافهما، إذ يرى الأستاذ المدير أن تدخل الحكومة هَدمٌ هدم هدم. . . ولن يكون هذا الرأي صحيحاً، بل لا مخرج له في التأويل إلا إذا كان تدخل الحكومة هدماً للفكرة الشخصية، وإلا فجامعةُ مَن هي؟ وكيف تنشئها الحكومة لتهدمها؟ وماذا كانت قيمتها قبل أن تستلحقها وزارة المعارف؟

إن الذي يعلن أن تدخل الحكومة "هدم" لأمره لن يمكنه إدانة الحكومة

بأفصح ولا أبلغ من هذا الكلام هذا إذا كانت هذه الحكومة قائمة في رأيه على عداوة الأمة والكيد لها وإفساد أعمالها النافعة، وما هكذا يَحسُن أن يعلن مدير الجامعة المصرية عن الحكومة المصرية، ولكن العجيب أن الأمة هي التي تطلب تدخل الحكومة، ومديرُ الجامعة وحده هو الذي يأبى ذلك وينتحل فيه المعاذير الواهية ويضع له الأقفال الفلسفية. . .

فلقد صارت الأمة والحكومة جميعاً عدوتين للجامعة في رأيه، وهذا على

أن الجامعة ليست له ولا هو خالد فيها، فلم يبق إذن إلا شيء واحد من شيئين:

إما أن الأستاذ المدير هو وحده المخلص، وهو وحده ذو الرأي الصحيح، وهو وحده رجلُ الأمة كلها.

وإما أن له وحده فكرة لا تقوم إلا به وحده ويريد

تسخير الجامعة لها! أروني كيف يكون المنطق الذي يُخرج من هذين الرأيين

رأياً ثالثاً وأنا ألقي هذا القلم تحت "وابور الزلط. . . "

ولا أعود أكتب حرفاً عن الجامعة!

إن النواميس لا تعرف استثناء ولا تخضع له، وإنما يتغير وصف الشيء

فيتغير قانونه، هذا عاقل يُتهم بعظيمة ويجنيها فيعاقب: وهذا معتوه يقترف إثماً فيترك، ولكل منهما حالة، ولكل حالة قانونها، ففي أي شيء يريد الأستاذ مدير الجامعة أن يكون للحكومة إشراف عليها وتدخل فيها؛ أهو أنشاها وهو يملكها وهو يرعاها؛ أم حين لا يكون هو في الأمة لا تكون للأمة جامعة؛ ألا يجوز في "التجربة " إلا وجه واحد من الجهل والفوضى والكفر، فإن قيل جَربوا الإيمان والتدقيق والنظام لم بكن ذلك شيئاً إلا عبثاً من العبث! ما هو وجه الاستثناء بعد الفضيحة والخزي وتبين المكتوم، وبعد سنة كاملة في "التخبط "، ولا بد من وجه للاستثناء إذا كان لا بد من قانون غير قانون الحالة التي أنت فيها، وإلا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015