الحرب الكبرى ويوجب إسقاطها من اللغة جملة، وهي كلمة "نظام الحصر
البحري "، وكانت مما جاءت مع نكبات فرنسا في الحرب العظمى، فلما ذهبت تلك النكبات رأى المجمع العلمي أن الكلمة وحدها نكبة على اللغة كأنها جندي دولة أجنبية في أرض دولة مستقلة بشارَته وسلاحه وعلمه يعلن عن قهر أو غلبة أو استعباد! وهل فعلوا ذلك إلا أن التهاون يدعو بعضه إلى بعض، وأن الغفلة تبعث على ضعف الحفظ والتصوُّن، وأن الاختلاط والاضطراب يجيء من الغفلة، والفساد يجتمع من الاختلاط والاضطراب.
إنما الأمور بمقاديرها في ميزان الاصطلاح، لا بأوزانها في نفسها، فألف
جندي أجنبي بأسلحتهم وذخيرتهم في أرض هالكة بأهليها ربما كانوا غوثاً
تفتحت به السْماء، ولكن جندياً واحداً من هؤلاء في أمة قوية مستقلة، تنشق له الأرض وتكاد السماء أن تقع، فالمذهب الجديد فساد اجتماعي ولا يدري أهله أنهم يضربون به الذلة على الأمة.
وتلك جنايتهم على أنفسهم وجنايتهم على الناس بأنفسهم، وهم لا
يشعرون بالأولى فلا جرم لا يأنفون من الثانية!