يكتب إقي بعض الأفاضل من العلماء، والكتاب يسألون عن نسختي من
"كليلة ودمنة" ويطلبون إليَّ أن لا أكتمها عنهم ولا أستبد بها من دونهم، وأن
أفضي إليهم في كل مقالة بمثل منها؛ ويقولون هذا هو الجديد في الأدب العربي لا ما يعللوننا به من فصول مترجمة ومقالات مسروقة وآراء منتحلة، ولا ما يكتب أشباه السوقة والعامة في اللغة والتعبير والحكاية.
وقال أديب فاضل إنه سيدل وزارة المعارف على هذه النسخة لتنتزعها مني
ولو بمثاقلتها ذهباً، فإنه - زَعم - لا يجوز أن يبقى هذا الكنز "لتوت عنخ
الرافعي". وقد ملكت الأمة كنز توت عنخ آمون.
وكتبت إليَّ سيدة معلمة تقول إن مثل الفيلسوفة الأمريكية الصلعاء قرئ
في جماعة من السيدات فكان رأيهن أن عشر قصص على هذه الطريقة تفيد في
نشر العربية الفصحى وتحبيبها إلى النفوس وإعادتها بعد شتات أمرها ما لا تُفيد عشر مدارس منها الجامعة.
وبعد فإني أستغفر الله وأقول إن كان هكذا فإنه لخير كان أصله من شر.
ولكن يا سبحان الله! ما لهذه الجامعة كأنها في سلاسلَ وأغلال ربضت بها إلى
الأرض وأعجزتها وحزت فيها وأكلت من جلدها؛ ألا تعلم أن باب الخطأ الذي دخلت منه يقابله باب التوبة، وأن الطريق التي انحدرت فيها لم يُخسَف بها فما جاءت فيه رجعت منه وما قطعته إلى الكفر تقطعه إلى الإيمان؟ بلى، ولكنهم يقولون إن الأستاذ الفاضل مدير هذه الجامعة يذهب بنفسه بعيداً، ويجوز بها فوق مبلغها، فكأنه ليس مديراً للجامعة بل هو مالكها المنفق عليها من ذات يده، فلا يسأل عما يفعل ساءت ملكته أم حَسُنت، ويقولون فما إبراهيم وإسماعيل والكعبة والقرآن والتوراة والأدب والتاريخ، وهذه الجامعة لو شاءت أن تزعم أن الهرم الأكبر مبني باللبِن لوسعَها ذلك ولجعلته تاريخاً مع وجود الهرم نفسه قائما من الصخر؛ ثم إنه ليس لأحد أن يُكرهها على أن تتكلم إذا