أرادت السكوت، لأنها مستقلة ولأنها تبحث بعقول أهلها وعلى قدر هذه العقول في أهلها، فإن كان ثَم تبعة من التبعات فعلى قوم غشوا الأمة في اختيار هذه العقول وظنوا أن نقش كلمة الجامعة في صفيحة من النحاس ثم وضع الصفيحة على باب دار يجعل الدار جامعة؛ ثم جَرَوْا هذا المجرى في الأساتذة، فرجعت الأشياء بعدُ إلى طبائعها لأنها لا تكذب ولا تغش، فوقعت الفوضى والاختلال وظهر الجهل
والخطأ وجاء درس الأدب وهو درس الكفر والتخليط والتزوير والتكير والمنكر، وسموا طه حسين أستاذاً في الجامعة وأظهرته الجامعة محرراً في السياسة على بذاءته ومساخته وفساد باطنه، كما كان في عهده إذ يسب دولة سعد باشا زغلول كل يوم بمقالة؛ وقس على طه من طرفيه إلى أعلى وإلى أسفل. . . (?)
قال دمنة: وكانت هذه الجامعة في إنشائها كالحلم: نُقِل من نوم إلى يقظة
في طرفة العين، فرأى الحالم الماهر. . . أن بحراً من البحار قد نفض قاعة
نفضه قذفت إلى الهواء أثمن لؤلؤة فيه، ثم اجتمع الهواء فرمى فى يده اللؤلؤة
فانتبه فإذا يده مقبوضة، فقال لمن حوله: ألا ترون أطبقوا أيديكم؛ فلما فعلوا قال: الآن في يد كل منكم لؤلؤة ثمنها مائة ألف؛ والآن أصبحتم من سرَوات الدنيا ولهاميم العالم، وإن بلاداً أنتم من أهلها لجمجمة الأرض، الآن
والآن. . . ومضى يَعِدُهم ويمنيهم ويقول وإن في هذا لكم الغنى والمجدَ
والسؤدد.
ثم حلم الحالم الماهر. . . أن في جمع مدرسة إلى مدرسة ما يبدع
جامعة، فقال وإن في هذا لكم العلمَ الأعلى، والآن هذا مدير الجامعة، وذاك أستاذ كذا، وذلك أستاذ كيت، وهذا وذاك وذلك يجتمع منهم هؤلاء، فاجتمعوا فكان ماذا؟
قال كليلة: فكان ماذا.
قال دمنة: كان منهم كالدار التي ظن بانيها أنها تلد. . .
قال كليلة: وكيف كان ذلك؟
قال دمنة: زعموا أنه كان بمدينة كذا رجل عقيم، وكانت به لوثة (?) ، فقال