وكيف يخاف القصاص عمال بني أمية فيضطرهم هذا الخوف أن يكنُّوا
عن ابن الأشعث بامرئ القيس، وأن يلفقوا هذا التلفيق البعيد ويضعوا له هذه القصة المخزية، وهم يرون المؤرخين وأصحاب الأخبار يذكرون خبر ابن
الأشعث ويدونون حروبه ويقصونها ويسندونها بالأسانيد، وهل كانت دولة بني أمية من الضعف بالمنزلة التي تخاف فيها ابن الأشعث ميتاً وهي التي كسرته حياً ثائراً في مائة ألف مقاتل؟ ولو قد خاف القصاص عمال بني أمية لخافوهم في الحسين بن علي، أو في عبد الله بن الزبير، وكانا يطلبان الخلافة بحقها، ولو قد خافوهم لخافهم الشعبي وهو قاص محدث، وكان يقاتل مع ابن الأشعث، ثم لقي الحجاج من بعد، ثم دخل على عبد الملك.
قال: فذهبت لأصنع معاذير لما كان من خلافي مع ابن الأشعث على الحجاج، فقال الملك: مه!
لا نحتاج إلى هذا المنطق ولا تراه منا في قول ولا فعل حتى تفارقنا. . .
أينما يذهب طه حسين في تأويله فهو لا يرى إلا ما يهدم عليه رأيه، ولكن
أنى لمثله أن ينكر الهدم وفي رأسه مثل هذا الفهم الخراب!.