جئتم به للجامعة وما علمتم أن الله سيبطله (?) لأنه تعالى أرحم من أن يجمع
على أبناء هذه الأمة المسكينة كازانوفا وتلميذه طه حسين في مدرسة واحدة - ألم تكن تعلم أنه صاحب كتاب "محمد وانتهاء العالم" الذي يقرر فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحداً بعده إذ كان لا يعتقد أنه سيموت. . . بل يرى أن الساعة قائمة في عهده، فلما مات كان موته تكذيباً صريحاً لأصل عقيدته، فاضطر أبو بكر الصديق أن يكذب ويزيد في القرآن آيتين إحداهما (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) والأخرى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) .
ويقول بعد ذلك، هذه كذبة حلال نحن مدينون لها بقرآن أبي بكر. . .
ْغط يا سيدي على الناحية الحية من الجامعة فقد غطى القبر على الناحية
الميتة منها، ولقد أكثرتم الرماد فإذا أثارته الريح فلا تلوموها ولوموا أنفسكم!
* * *
ولنأخذ الآن في كتاب طه فقد وقعت فيه جَهلة لم نر مثلها لأجد إلا بعض
المستشرقين وهي تأويل سيرة امرئ القيس وإثبات الشيخ بالبحث الفني. . . أن هذه القصة مكذوبة؛ ولقد رأينا في تاريخ الأدب قصة أخرى أراد العلامة ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة أن يقول إنها موضوعة وبحث في ذلك بوسائل فنية.
فنريد أن نعرض عليك البحثين لتقابل بين هذا وذاك ولتعلم الجامعة في
أي منزلة من السخف تنزل دروسها.
قالوا: انه لما نشأت فتنة الخلافة أبى على أن يبايع لأبي بكر، فبعث
الصديق لأبي عبيدة وأنفذه إلى علي برسالة يؤديها وحمَّلَه عمرُ كلاماً آخر، فأدى ذلك إلى علي، فرد عليه السلام بكلام يعتذر فيه، ثم غدا فبايع؛ وتركه أبو بكر مع عمر فتناقلا كلاماً بليغاً، والقصة طويلة يتراد فيها هؤلاء الثلاثة: أبو بكر وعمر وعلي، كلاماً من النمط العالي، فرواه ابن أبي الحديد ثم قال: "قلت: الذي يغلب على ظني أن هذه المراسلات والمحاورات وهذا الكلام كله مصنوع موضوع، وأنه من كلام أبي حيان التوحيدي، لأنه بكلامه ومذهبه في الخطابة والبلاغة أشبه، وقد حفظنا كلامَ عمر ورسائله وكلامَ أبي بكر وخطبَه.
فلم نجدهما يذهبان هذا المذهب ولا يسلكان هذا السبيل في كلامهما، وهذا كلام عليه أثر التوليد ليس يخفى؛ وأين أبو بكر وعمر من البديع وصناعة المحدَثين؟
"ومن تأمل كلام أبي حيان عرف أن هذا الكلام من ذلك المعدن خرج