ويدل عليه أنه أسنده إلى القاضي أبي حامد المروروزي، وهذه عادته في كتاب البصائر: يسند إلى أبي حامد كل ما يريد أن يقوله هو من تلقاء نفسه إذا كان كارهاً لأن ينسَب اليه.
ومما يوضح لك أنه مصنوع، أن المتكلمين على اختلاف مقالاتهم من
المعتزلة والشيعة والأشعرية وأصحاب الحديث وكل من صنف في علم الكلام
والإمامية، لم يذكر أحد منهم كلمة واحدة من هذه الحكاية، ولقد كان الرضى رحمه الله يلتقط من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه اللفظة الشاذة والكلمة المفردة الصادرة عنه في معرض التألم والتظلم فيحتج بها ويعقد عليها، نحو قوله. . . وقوله. . . وقوله. . . وكان الرضي إذا ظفر بكلمة من هذه فكأنما ظفر بملك الدنيا ويودعها كتبه وتصانيفه، فأين كان الرضي عن هذا الحديث، وهلا ذكر في كتاب الشافي في الإمامية كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه هذا؟
وكذلك من جاء من الإمامية، كابن النعمان وبني نوبخت وبني بُوَيه وغيرهم.
وكذلك من جاء بعده من متأخري متكلمي الشيعة وأصحاب الأخبار والحديث منهم إلى وقتنا هذا - وسط القرن السابع -؛ وهلا ذكره قاضي القضاة في المغني مع احتوائه على ما جرى بينهم حتى إنه يمكن أن يجمع منه تاريخ كبير في أخبار السقيفة؛ وهلا ذكره من كان قبل قاضي القضاة من مشايخنا وأصحابنا ومن جاء بعده من متكلمينا ورجالنا؛ وكذلك القول في متكلمي الأشعرية وأصحاب الحديث، كابن الباقلاني وغيره، وكان ابن الباقلاني شديداً على الشيعة عظيم العصبية على أمير المؤمنين رضي الله عنه، فلو ظفر بكلمة من كلام أبي بكر وعمر في هذا الحديث لملأ الكتب والتصانيف بها وجعلها هجيراهُ ودأبه.
"والأمر فيما ذكرناه من وضع هذه القصة ظاهر لمن عنده أدنى ذوق من
علم البيان ومعرفة كلام الرجال، ولمن عنده أدنى معرفة بعلم السير وأقل أنس بالتواريخ" انتهى.
فتأمل كيف يكون بحث المطلع المستوعب للمادة التي يتكلم فيها حتى لا
يفوته كتاب من الكتب ولا كلام عالم من العلماء، حتى لا يحكم إلا بعلم ولا
يحكي إلا عن مقنع، ثم قابل هذا ببحث أستاذ الجامعة وركاكته، قال في صفحة 134:
وهنا يحسن أن نلاحظ أن الكثرة من هذه الأساطير والأحاديث لم تشِعْ