"سنة التجربة" ستكون الدين الجديد الذي يطبق الأرض فسارِعنَ إلى تجربة
الحلق بالموسى ليأخذه عنا الأوروبيات والسابقةُ لنا قبل أن نأخذه عنهن والسابقة لهن.
قال دمنة: فانتدبت لها امرأة من المجلس وضيئة حسناء، فلما وقفت
بإزائها أمسكت المشط فمرَّت في شعرها تُفيئه يميناً وشمالاً وقالت لها: يا هَناهُ!
لو كان على رأسك من هذا لما كان في لسانك هذا.
* * *
وقرأنا حديث الأستاذ مدير الجامعة، والأستاذُ أول كاتب مصري جرت
في قلمه عبارة "سلطة الأمة" ولكنه في هذا الحديث سكت عن الأمة وشكواها
واحتجاجها كأنه لم يوجد من هذا شيء، أو كان الأستاذ يرى دين الأمة في
الجامعة كقطن الأمة في البورصة، يبعد السعر ويقرب ويرتفع وينزل ولا عليه
من ذلك، فإن كان اليسر فاليسر وإن كان إفلاس فإفلاس، إنما عمله هو نشر السعر كما تجيء به المصادفات خراباً وعماراً!
قلنا: فلتكن الجامعة كافرة كفراً صريحاً، ولتكن على هذا أديرت إن لم
تكن لهذا أنشئت، فيبقى أمر هذه الغلطات التاريخية والأدبية التي وقع فيها
أستاذها وأبان فيها عن حماقة تركت الجامعة سخرية في الألسنة؛ فما سكوت
الأستاذ المدير عن هذا وللعلم حق يقضي عليه بإحدى قضيتين: فإما أن يسلم
بالخطأ ويلتمس إصلاحه ويعمل في ذلك ويعلنه للأمة، وإما لا؛ فليدفع حجة
بحجة وليرد كلاماً بكلام وليربأ بالجامعة أن تكون في موقف المعاند المكابر.
فإن المعاند يحسب السكوت مما يغطي ويموه على الناس، ولا يعلم أنه متى
قام الدليل من أحد خصمين لم يكن لسكوت الخصم الآخر إلا معنى واحد لا
يختلف لا في القانون ولا في العرف ولا في الشرع، وهو الإقرار والإذعان وإن كان لم يقر ولم يذعن.
يقول الأسنتاذ المدير: الجامعة تبتدئ، ولا شبهة في أن السنة الأولى
لإقامة معهد علمي كبير يراد به ترقية التعليم العالي من ناحية ونشر المعلومات
التي تحبب العلم إلى الجماهير - كذا كذا - من ناحية أخرى ينبغي اعتبارها "سَنة تجربة". . .
قلنا: ولكن يا سيدي المدير، ما نحن من أخلاط الأمم المبعثرة، ولا
نحن في جهل من مجاهل الدنيا، ولا نحن مبتدعين في إنثاء الجامعة فتضيع