السقوط كلَّه؛ وأن تتغفل الناس إلى هذا الحد في بحث لم يَخلق الله له أهلاً بعد
أن ذهب أهله؟
على أن المسألة اللغوية في كتاب الشيخ هي مسألة اللهجات، وقد
أسقطناها في بعض ما مر بك، ثم كانت عقدتها قوله في صفحة 141
"وقد يكون لنا أن نلاحظ قبل كل شيء ملاحظة لا أدري كيف يتخلص منها أنصار القديم، وهي أن امرأ القيس - إن صحت أحاديث الرواة - يعني إن صح أنه خُلق - يمني وشعره قرشى اللغة. . . ولغة اليمن مخالفة كل المخالفة للغة الحجاز فكيف نظم الشاعر اليمني شعره في لغة أهل الحجاز"؛ إلى أن يقول:
"وأعجب من هذا أنك لا تجد مطلقاً في شعر امرئ القيس لفظاً أو أسلوباً أو
نحواً من أنحاء القول يدل على أنه يمني، فمهما يكن امرؤ القيس قد تأثر بلغة
عدنان فكيف نستطيع أن نتصور أن لغته قد مُحيت من نفسه محواً تاماً ولم يظهر لها أثر في شعره؛ نظن أن أنصار القديم سيجدون كثيراً من المشقة والعناء ليحلوا هذه المشكلة ". انتهى.
فنحن مع الأستاذ في اثنتين: أن ينكر وجود امرئ القيس إنكاراً صريحاً.
وحجتنا عليه ذكر هذا الشاعر في الأحاديث المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيما رُوي من كلام الصحابة كعمر وعلي وكلام الشعراء الأمويين كالفرزدق وجرير.
وأخرى: أن يقر بوجوده إقراراً صريحاً ولا يقول "نرجح أنه وجد" وتبقى
المشكلة اللغوية التي أوردها واعترض بها وتوهم فيها في أنصار القديم ما توهم
وجعلها أقوى ما في كتابه من الأدلة، وقد أنذَرنا غير مرة في جدالنا معه أننا
"سنجد مشقة، وعسراً" في التخلص من مشكلاته، فوالله ما وجدنا في واحدة عسراً ولا مشقة، ولكنه يرمي الناس بما فيه وذلك من أمره، ولو تثبت واستعان بغيره لكان خيراً له وأقوم، ولكن فتنه الله بنفسه وبصَّره العيوب إلا عيبه.
وقبل أن نحل له المشكلة نقول: إننا رأينا في بعض كتب الجدل أن رجلاً
ذكياً قال لجماعة من الناس: إن سقف البيت كان فوق زيد ثم صار تحت زيد، فقال واحد منهم: لا جرم تهدم البيت ووقع السقف فلا حول ولا قوة إلا بالله!
وقال آخر: لا عجب مات الرجل شر ميتة فإنا لله! وقال ثالث: وليس يمشي
الناس في جنازته إلا متوجعين فرحمه الله! وانطلقوا في ذلك يُفضي به بعضهم
إلى بعض ولا رجعة لمن مات فالمشكلة لا حل لها!
ألا دعونا أيها الناس من الموت والهدم ومما قام بأنفسكم من المعاني،