أنفسهم لا تعدهم إلا في المغرورين، ولا يكبرن منهم أحد في وهمك، فإن

الإنسان لن يخرج من ذاته ".

ويقول الفيلسوف الإنجليزي جون تيودور مرتز: " إن هذه الطريقة التي

يعكف عليها من يزعمون التجرد للحقيقة تنتهي إلى أن ينظر إليها الناظر فيراها طريقة لم يبتغ أهلها أن ينطلقوا من قيود التقليد، بل هم خدعوا أنفسهم أو خدعتهم فظنوا أنهم أحرار فيما صنعوا وما كانوا قطّ إلا مقيدين بخيالهم مستسلمين لوهمهم الذي يتحكم فيهم التحكم كله ".

ونحن لم نقل في طه حسين إلا هذا، فهو يتوهم على التاريخ وعلى

الحقائق، ثم يتسيب بالوهم إلى الحكم؛ وهو يطلق لنفسه كل قول عرض له، ثم يجعل ذلك من العلم ويُكرِه العلم على قبولُه، وقد يكون جاهلاً بالخبر

وأصله، ومع ذلك يقول صدقوني وكذبوا الناس، وتراه سقيم الفهم ضعيف

التخريج ثم يأبى إلا أن تكون الأذهان كلها على أساس من فهمه.

وهو بعدُ خبيث ملحد مستهزئ يقلد أناتول فرانس في السخرية، والمعرِّي في الإلحاد على بُعد ما بينه وبينهما، ثم لا يريد إلا أن تكون نفسه هذه روحَ التاريخ الإسلامي.

فإن امتنع أن يكون التاريخ قد جاء منه إذ كان قد سبقه في الوجود

لم يمتنع أن يُخرج هو حقائقَه وفلسفته مطبوعة بطباعه زائغة بزيغه، فلا يأتينا إلا بما هو من جنسه، ولا يُخرج لنا غير المضحكات التي لا تليق إلا بأمة من

أمثاله، ولقد والله وإن تاريخ لا يصحح ولا يحقق إلا بمثل طه حسين، ولقد

والله ذلت أمة لا يكون القول في تاريخها إلا لمثل "عارورة الجامعة" كما سماه

الأستاذ وحيد بك (?) .

وسنأتيك الآن بمضحكة عجيبة من مضحكات دروس الجامعة المصرية.

فقد تكلم أستاذها عن القصص عند المسلمين ليثبت أنه من أسباب الوضع في

الشعر، فزعم في صفحة 92 "أن الأدب لم يُدْرس في العصور الإسلامية الأولى لنفسه، وإنما دُرس من حيث هو وسيلة إلى تفسير القرآن وتأويله واستنباط الأحكام منه ومن الحديث، وكان هذا كله أدنى إلى الجد وألصقَ به من هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015