الأمر يفسد بين الفريقين لولا بقية من دين "كذا كذا، بقية فقط في أصحاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحزمُ نفر من قريش، ولولا أن القوة المادية كانت إذ ذاك إلى قريشاً وهذا كذب على التاريخ؛ فما هي إلا أن أذعنت الأنصار وقبلوا أن تخرج منهم الإمارة، وظهر أن الأمر قد استقر بين الفريقين، وأنهم قد أجمعوا على ذلك لا يخالفهم فيه إلا سعد بن عبادة الأنصاري الذي أبى أن يبايع أبا بكر وأن يبايع عمر وأن يصلي بصلاة المسلمين وأن يحج بحجهم وظل يمثل

المعارضة قوي الشكيمة ماضي العزيمة حتى قتل غيلة في بعض أسفاره قتلته

الجن فيما يزعم الرواة انتهى.

ثم قال في صفحة 71: وأعجب من هذا أن السياسة نفسها قد اتخذت

الجن أداة من أدواتها "نهنئ الجامعة". . . وأنطقتها بالشعر في العصر الإسلامي

نفسه، فقد أشرنا في الفصل السابق إلى ما كان من قتل سعد بن عبادة، ذلك

الأنصاري الذي أبى أن يذعن بالخلافة لقريش، وقلنا إنهم تحدثوا أن الجن

قتلته، وهم لم يكتفوا بهذا الحديث وإنما رووا شعراً قالته الجن تفتخر فيه بقتل

سعد بن عبادة هذا:

قد قتلنا سيد الخز. . . رج سعدَ بن عباده

ورميناه بسهميـ. . . نِ فلم نخطئ فؤاده

انتهى كلام الشيغ. وسنقف هنا وقفة نبين لك فيها ضلالة هذا الرجل

وخلطَه وتعمدَه الكذب وقلة تَحفظه وأخذِه على نفسه فيما يقوله ويراه، وستطلع من ذلك على دخيلة نفسه الخبيثة وتعلم يقيناً أن غايته تحقير الإسلام وتهوين أمره، وأنه كالمكره على أن يسوق كلامه مَساق الشبهة مع أنه في سعة من التاريخ ونصوصه واللغةِ وأساليبها، وأنه دائماً يتبع طريق الزنادقة في جعل الكلام مقدمات فاسدة ثم الإمساك عن النتيجة الآتية منها فلا يصرح بها بل يدع الطالب يستخرجها بفكره؛ ليجعل ذلك من عمله فيكون أَلصق به وأشد تأثيراً في نفسه وعقله، ويخرجه ذلك إلى أن يعتقد ما انتهى إليه ويتأدى به الشك إلى التهمة، وتسلمه التهمة إلى ما لا يَسلم عليه إيمان ولا يصح به يقين.

يصور الشيخُ سعدَ بن عبادة كما تفهم أنت من موقف كموقف الحزب

الوطني في البرلمان مثلاً، فهو يمثل "المعارضة" وظل يمثلها إلى أن قتل، أي

سنة خمس عشرة للهجرة على بعض الأقوال وبعد وفاة أبي بكر - رضي الله عنه - بنحو سنتين، والمعارضة إنما كانت معارضة حين نشأت مسألة الخلافة فما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015