بينها وبين الأدباء من خلاف؛ فهم يرمون أستاذها بالجهل في تاريخ الأدب
ويهدمون عليه دروسه ينقضون آراءه، وذلك إما حق فينفذ وإما باطل فيرد.
فمن عساه يقول هذه الكلمة الفاصلة من أساتذة الجامعة ورجالها؛ ومن هو هذا الذي يرى في نفسه قوة في هذا العلم ويكون من أهله بهذا الموقع، وما علمنا أن في الجامعة الأصمعى ولا أبا عبيدة ولا الجاحظ ولا من فيه من هؤلاء
وأمثالهم رائحة، وليس في الأرض كلها من يقول إن عالماً بالقانون هو من أجل ذلك عالم بالأدب، وأن فيلسوفاً في العقليات هو بفلسفته مؤرخ للشعر
والكتابة، وما كل من يحسن شيئاً يحسن كل شيء.
ولقد ادعى الأدباء والعلماء وجاؤوا بالبينة وساقوا الحجج وأثبتوا للجامعة
إلحاد شيخها وضعف رأيه وسوء فهمه وعقم استنباطه، وأنه على ذلك نزر
المادة يتوسع فيها بأشياء من نفسه يسميها التحليل والمنطق، لا بالأسباب التي
تكون المادة نفسها مما يسمى بالنصوص والعلل ونحوها.
قد أقيمت الدعوى فأين القاضي؟ أتريد هذه الجامعة أن تتهزأ بالعلماء والأدباء جميعاً، وأن تتغفل الأمة كلها فتضع لـ طه حسين لحية كثة على عارضيه وفروة بيضاء على رأسه وتخرجه للناس يقول: نحن قاضي الجامعة، فتحت الجلسة وحكمنا أن طه حسين لم يلحد في دين الله ولن يلحد فيه، ولم يخطئ في تاريخ الأدب ولن يخطئ، ولم ولن عشر مرات على بياض..؟ ليضع فيها طه حسين ما شاء كلما شاء؟ "
أيتها الجامعة، لا نسألك إنصافاً ولا بعضاً من الإنصاف، ما دمت تخصين
أستاذك بالمراعاة وبفضل من المراعاة، ولكن ويحك ما أنت صانعة في تاريخ
الأدب، ومن الذي ورثك إياه أو وفقه عليك حتى يكون علمك هو العلم
وحده، وأية قوة هذه التي تجعل الغلطة منك ذات عنصر ليس في الغلط حتى لا يطمع أحد في تنبيهك إليها أو حسابك عليها، وفي هذا القياس من الذي يجعل حديدك ذهباً، وثلجك البارد لهباً، وحطبك عُود الند، وجَزرَك أعلى المد، سبحانكِ بيدك الخير، وأستاذكِ ولا غير، وورثت ملكَ سليمان "بعِفريت"، وملكت حرارة الشمس في علبة كبريت. . .
أما إنه عزيز علينا والله أن يجري بنا القول إلى هذا المعنى، ولكن الكلام
لا مَقادَة له إلا من الواقع، وما كان لنا أن نرى في المرآة قفاً عريضاً ثم نقول في وصفه تبارك الله ما أبدع سحرَ العين، وما أحلى ندَى الابتسام على ورق
الشفتين، وهذا الخد، قافية في شعر الورد، وذاك الفم على وزن الدم،