اسمك الجامعة، وتعصباً لباطل أستاذك الملحد واستكباراً في الأرض ومكرَ
السيئ، فكنتِ ما كنتِ، إلى صلابة وعناد، وإلى شدة ونكاية؛ وملتِ إلى
ناحية الازدراء بالأمة والتهكم بدينها والتحقير لعلمائها وأدبائها، كأنه ليس في كل أولئك عالم ولا أديب، وكان مجموعة الأمة المصرية لا توزن عندك "بابن الجامعة البكر" لأن قلبك يزيد فيه حتى يصير جبلاً، وينقص من الأمة حتى ترجع حصاة، والميزانُ ميزان قلبك؛ ثم هو في يدك المتصلة بهذا القلب.
فسبحان الله! كأننا لا نجادلك في العلم والأدب ولكن نعذلك في العشق
والهوى، وأضيع شيء ما تقول العواذل! فما بك إلا الخلاف والمكابرة
والإصرار واعتدادُ كل سيئة من سيئات المحبوب حسنة من حسنات الحب. . .
فلقد صار لنا أن نفهم أن الأمر عندك إنما هو بين أشخاص وأمزجة
ومصالح تجعل علماء الدين في مصر بأسمائهم وألقابهم وإجازتهم كأنهم صفحة
مكتوبة تقرأ وترمى في سلة المهملات.
أما طه وحده فهو الحي العالم القادر المتكلم الابن البكر الذي تجعله شهادة السوربون كأنه الآية الناسخة، ثم لا تكون الآية المنسوخة إلا الأزهر الشريف، على حين لا يكون الخلاف إلا دينياً وفي كتاب الله.
وصار لنا أن نفهم أن هذه التي تسمى الجامعة المصرية لا تبالي حُسنَ
أثرها على الأمة أو سوء أثرها عليها، ولا تعبأ بسمعة تمدح أم تذم كأنها هي
وحدها مركز المخ من الجسم المصري، أما سائر الناس والطبقات فجلد وعظم وأدوات وشيء كالصبغة فيما تغِله على صاحبها، أو نحو من هذا التشبيه أو قريب من نحوه، فإن سقط رجل فيها كطه حسين ونبذته الأمة كلها لم يكن للجامعة هم إلا أن تشده إلى كرسيه ولو بالحبال، وتثبته ولو بالمسامير، كأنما وظيفته في الجامعة أن لايتركها وحسبُ. . .
أما العلم والأدب فكل كلام هو علم وأدب ما دام قائله "ابن الجامعة
البكر" وما دام التمييز مفقوداً والأهواء ملتبسة، إذ البغية عندهم كما وضح لنا وللناس جميعاً أن يجد أستاذ الأدب عيشه لا أن يجد الأدب أستاذه، والأمران مختلفان جدا كماترى وبينهما بعد باعد لا تقريب فيه.
نسأل الجامعة سؤالاً مكشوفاً لتجيبنا عليه إن استطاعت أن تجيب بعد ذلك
السكوت منها:
مَن الذي يصلح من رجالها والقائمين عليها أن يكون حَكماً فيما شَجر