بأقبح الجهل ودل من نفسه على عجز وضعف وسوء فهم ونية مدخولة وذهن مريض؛ فأين تريده أن يعتدل من ذلك كله؛ على أننا في هذا الكلامِ إنما نأخذ بظاهر الرأي، أما في الحقيقة فنحن نعرف من بلاغة مدير الجامعة وغوره البعيد في أنه بكلامه أراد النصيحة لـ طه كما نصح الطلبة، جعله بذلك لا يزال في حكم الطالب وإن كان أستاذاً وأنزله هذه المنزلة على أعين الملأ، ثم إنه كأنه يقول له: "يا بني إنك مائل فاعتدل، ومعوج فاستقم؛ ومجازف فتبصر، وحديد الطبع فاستأنِ وكثير الخطأ فتعقل!
يا بني إنك مصغر مستصغر لا تستكفي بنفسك ولا تستقل بأمرك فاسمع
وأطع ".
(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ) فكيف بمثقال ستين كيلو جراماً من إلحاد وخطأ هي في جلد ولحم ودم؟
ولقد فهمنا كلاماً كثيراً من كلمتي الأستاذ البليغ الدقيق، ولكن يجب أن
يفهم طه وأمثاله، فقد ذهب بعضهم إلى أن مدير الجامعة يرد علينا بهذه الكلمة.
كأنه يبلغنا أن طه مغفور له معفو عنه إذا قلب الأثاث أو كسر الصحون وأن
خطأه طَلق، وأشد ما تعاقبه الجامعة به أن تقول له الاعتدال الاعتدال! لأنه ابن الجامعة البكر! أي غزالها. . . (?)
هكذا قال لنا بعض الأدباء وهكذا فهم.
ولكنا على يقين من الأستاذ مدير بربخ الجامعة، وسيرى الناس أنه مرجع طه إلى ما هو أليق به وأولى بسمعة الجامعة. . .
إن الذي يُخشى من طه أمران: أولهما أنه يقلد المعرِّي ويحتذيه ويسير
على أعقابه إما إلى الجنة وإما إلى النار، وقد صرح هو بهذا التقليد في على
أعقابه إما إلى الجنة وإما إلى النار، وقد صرح هو بهذا التقليد في مدينة بيروت
في خطبة له، وقال إن للمعري الفضل عليه في إظهاره كما هو.
فيريد الرجل أن قي يهدم كما هدم ذاك.
وليس له رواية المعرِّي ولا حفظه ولا شعره ولا فلسفته