ولا يمكن أن يقع المقطم في هذه الهفوة البيانية الدقيقة، فهو أستاذ هذا الباب من البلاغة، وإنما كتبت العبارة في الجامعة، كتبها طه أو ذَنَبه أو رأسه. . . وأتى المقطم بها فنشرها -
- نريد أن نستجيز لهذا القلم مناقشة الأستاذ الجليل لطفي بك السيد مدير
الجامعة، وهو عقل من العقول النادرة في مصر بل في الشرق كله، يكاد يكون مُلهماً محدثاً إذا كتب أو قرأ أو فكر، وهو كذلك شعاع ساطع من تلك المرآة العلوية التي ترسل على آفاق الدنيا نور الذكاء والنبوغ والفلسفة، وقد كنا نحسبه أول من يستجيب لرأينا في وجوب نقد طه وتمييز خطئه من صوابه ورد الرأي عليه فيما لم يصح، فإنه يجب أن تكون الجامعة موضع الثقة في علمها، ويجب أن تعرف الأستاذ بعلمه لا العلم بأستاذه، فإن أظهرها إنسان على غلطة أو نبهها
إلى زلة بحثت وحققت وسألت أهل الذكر وأهل الفكر ورجعت إلى كل ذي
فطنة، ثم أعلنت ما تنتهي إليه من خطأ أو صواب بحججه وأدلته ولم تصرَّ ولم
تستكبر ذهاباً بنفسها أو ممالأة لأستاذها أو تغطية لعيبها؛ لأنه إذا كان طه حسين ابن الجامعة البكر فالأدب العربي ليس ابنها الثاني ولا الثالث. . .
وإذا كان طه ابن الجامعة البكرْ فماذا؟ أيترك لطيشه ولهوه وعبثه، ويخلى لشكِّه وحيرته واضطرابه ويدلل حتى على العلم ويضحك له - حتى من أغاليطه، ويُكافأ حتى على ما يجنيه إذا كان ما يجنيه متصلاً بحنان أهله ونازِعتهم أكثر مما هو متصل بأسباب الجناية ونتائجها؟
لعمري إذا كان هذا كله لابن الجامعةِ البكر وكان - اسم الله عليه. . . -
يجعله من عذره في - نتف لحية أبيه وعمه وخاله ويعتده من أسباب الرضا عنه إذا وقع في قبيح أو دخل في كبيرة - إذا كان هذا لابن الجامعة البكر فما بقي على الجامعة إلا أن تضع له بجانب منبر التدريس حصاناً من الخشب. . . ليلهو على هذا وعلى هذا، فمن المنبر إلى الحصان ومن الحصان إلى المنبر. . . ولا تلُم الصبيان فيه على الرقص!.
ثم إن الأستاذ الكبير يقول لـ طه. يا بني الاعتدال. . . الاعتدال: كلا يا
سيدي الأستاذ، لا محل للاعتدال، ولا نقبل منك هذه الكلمة ولا يقبلها طه، أما هو فإنه يقول بوضع علم المتقدمين كله موضع الشك. فأين يعتدل وفيم وكيف؟ وأما نحن فإننا نريد منك أن تقول له: يا بني التوبة التوبة! فقف خرج في درسه على دين الأمة وكذب القرآن ونسب إليه الخرافات وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سياسياً يحتال الحيل ولا يؤمن فيما بلَّغ عن ربه، ثم جاء في تاريخ الأدب