ودفع إليه الراية، وقال:
- «قدّم خيلك.» فتقدّم هريم ودبّ وكيع فى الرجال، فانتهى هريم إلى نهر بينه وبين العدوّ، فوقف وقال له وكيع:
- «أقحم يا هريم.» فنظر هريم إلى وكيع نظر الجمل الصؤول [1] وقال:
- «أنا أورد وأقحم خيلى هذا النهر، فإن انكشفت كان هلاكها. والله إنّك لأحمق.» قال:
- «يا بن اللخناء لا أراك تردّ أمرى.» وحدفه [2] بعمود كان معه. فضرب هريم فرسه فأقحمه، وقال:
- «ما بعد هذا أشدّ من هذا.» وعبر هريم فى الخيل، وانتهى وكيع إلى النهر، فدعا بخشب فقنطر على النهر وقال لأصحابه:
- «من وطّن منكم نفسه على الموت فليعبر، ومن لا فليثبت مكانه.» فما عبر معه إلّا [478] ثمانمائة رجل، فدبّ حتّى إذا أعيوا [أقعدهم] [3] فأراحوا حتّى إذا دنوا من العدوّ جعل الخيل مجنّبتين، وقال لهريم:
- «إنّى مطاعن القوم فاشغلهم عنّا بالخيل وقل للناس: شدّوا.» فحملوا، فو الله ما انثنوا حتّى خالطوهم، وحمل هريم [فى] خيله [4] عليهم،