عبد الملك بوفاة أبيه واستخلافه إيّاه، فأقرّه الحجّاج. وذلك فى سنة اثنتين وثمانين.
لمّا انهزم ابن الأشعث من دير الجماجم، وتفرّق أصحابه حصل خلق منهم بالمدائن [430] مع محمد بن أبى وقّاص وجماعة مع عبيد الله بن عبد الرحمان بن أبى سمرة بن جندب. وخرج الحجّاج فى آثارهم، فبدأ بالمدائن. فلمّا بلغ محمد بن سعد عبوره خرج مع أصحابه حتّى لحق بابن الأشعث. وخرج إليه عبيد الله بن عبد الرحمان أيضا، واجتمع إليه الناس من كلّ أوب [1] حتّى عسكروا معه على دجيل بمسكن، وأتاه فلّ الكوفة، وتلاوم الناس على الفرار، وبايع أكثرهم بسطام بن مصلقة على الموت، وخندق عبد الرحمان على أصحابه، وبثق [2] الماء من جانب، فوجّه القتال من وجه واحد.
وقدم عليه خالد بن حرير بن عبد الله القسري من خراسان فى ناس كانوا معه من بعث الكوفة، فاقتتلوا خمس عشرة ليلة من شعبان أشدّ قتال حتّى قتل زياد بن عثيم من أصحاب الحجّاج وكان على مسالحه، فهدّه ذلك وهدّ أصحابه. وعبّى أصحابه وحضّهم على القتال، وباكرهم بقاتل لم ير مثله قطّ. وجاءه عبد الملك بن المهلّب مجفّفا [3] وقد كشفت خيل سفيان بن الأبرد.
فقال له الحجّاج: