فسار جارية حتى أتى نجران، وقتل خلقا من شيعة عثمان، وهرب بسر منه، وتبعه حتى دخل مكة والمدينة، وأرجف الناس بموت علىّ. فأخذ الناس ببيعة الحسن بن علىّ، فأبوا، ثم خافوه، فبايعوه، فأقام [1] مدة، ثم انصرف إلى الكوفة.
ثم جرت مكاتبات كثيرة بين علىّ- عليه السلام- وبين معاوية، استقرّ آخرها على وضع الحرب بينهما، ويكون لعلىّ العراق، ولمعاوية الشام، لا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش، [ولا غارة] [2] ولا غزوة، وأن يضعا السيف، ولا يريقا دماء المسلمين، فتراضيا على ذلك.
واجتمع بعد ذلك نفر ممن يرى رأى الخوارج، فتذاكروا أصحاب النهر، وترحّموا عليهم، وعابوا ولاتهم، وقالوا:
- «ما نصنع بالبقاء بعدهم؟ فلو قتلنا أئمة الضلال، لرجونا الأجر والثواب.» فتحالف عبد الرحمان بن ملجم، والبرك بن عبد الله، [36] وعمرو بن بكر التميمي أن يأتى كلّ واحد منهم واحدا من الأئمة الثلاثة يعنون: عليّا، ومعاوية، وعمرو بن العاص، فيغتالونهم.
فأمّا ابن ملجم فقال: «أنا أكفيكم علىّ بن أبى طالب.» وكان من أهل مصر.
وقال البرك بن عبد الله: «أنا أكفيكم معاوية.» وقال عمرو بن بكر: «أنا أكفيكم عمرو بن العاص.»