حدّث قوم من أهل فارس قالوا:
ورد زياد نواحي فارس، وهي تضطرم. فلم يزل يبعث إلى رؤسائها، يعد من نصره ويمنّيه، ويخوّف من خالفه ويوعده، ويضرّب بعضهم ببعض، ويدارى من يرى مداراته، حتى دلّ بعضهم على عورة بعض، وهربت طائفة، وأقامت طائفة، يقتل بعضها بعضا، حتى صفت له فارس، فلم يلق فيها جمعا، ولا حربا، ولم يقف موقفا واحدا للقتال. وفعل مثل ذلك بكرمان حتى صفت أيضا له.
فقال الناس:
- «ما رأينا سيرة أشبه بسيرة كسرى أنوشروان، من سيرة هذا العربىّ، في اللين، والمداراة، والعلم بما يأتى.»
ثم كثرت غارات معاوية على أطراف علىّ، ووجّه بسر بن أرطاة إلى الحجاز.
فدخل المدينة ومكة، وهرب عمال علىّ، وقتل شيعة علىّ. ومضى نحو اليمن، وكان على [35] اليمن عبيد الله بن العباس، فهرب إلى الكوفة، واستخلف عبد الله بن عبد المدان، فأتاه بسر [1] ، فقتله، ولحق ثقل [2] عبد الله وفيه ابنان له صغيران، فقتلهما، وبلغ ذلك عليّا، فوجّه جارية بن قدامة في ألفين، ووهب بن مسعود في ألفين.