فأحسن تقبّله وأكرم منزله وحمل اليه ثلاثمائة رأس غنما وأصنافا كثيرة فيها حمل سكر أبيض ولم يكن حمل مثل ذلك إلى أبى العباس الضبّى، لأنّه علم أنّ أبا سعد واسع المروءة كثير التجمل، ووصل إليه من هذا المحمول ما وصل، فما انقضى يومه حتى فرّقه واستعمله. وأقام عنده أياما ثم صار إلى بروجرد.
قال القاضي أبو العباس:
فتأخر أبو العباس الضبّى عن استقباله واحتج بنقرس كان عرض له وأنفذ أبا القاسم سعيدا ابنه للنيابة عنه فى قضاء حقه وخرجت معه فسلم كل واحد من ابن أبى العباس وأبى سعد على صاحبه وسارا [115] داخلين إلى البلد فتقدم عليه ابن أبى العباس.
فلما كان فى آخر ذلك اليوم ركب إليه أبو العباس الضبّى فى محفّة، ودخل داره وهو يخرج من بيت الماء ويشدّ سراويله، وتلقاه وقبّل صدره فى المحفّة وخاطبه أبو العباس بالوزير وقد كان أبو سعد كاتب أبا العباس من الرىّ عند وزارته وخاطبه بالأستاذ الرئيس. فلما التقيا هذا الالتقاء اعتمد أبو العباس فى خطابه بالوزارة أن يعلمه ان الصرف لا يزيل اسمه من الوزارة.
ولم يجتمعا بعد هذه الدفعة.
وفى هذه السنة أنشأ مهذب الدولة داره بالصليق فوسّع صحنها وعظّم أبنيتا وكبّر مجالسها وسلك مسالك الملوك فيها ونقل إليها من الآلات والساج الشيء الكثير. فجاءت أحسن دار وأفخمها وأجلها وأعظمها.
وقد رأيتها فى أيامه وكانت من أبنية الملوك وذوى الهمم الكبيرة منهم، وما شاهدت صحنا كصحنها فى انفساحه واتساعه، وكانت راكبة لدجلة ولها روشن وشبابيك عليها.
ونقضت هذه الدار فى سنة سبع عشرة وأربع مائة حتى قلعت