كلاءة بين أعاديه، وألحفه جناحا من الحياطة ستره بين قوادمه وخوافيه.
فكانت قصّته كقصّة موسى عليه السلام، حين القى صغيرا فى اليمّ، ونجّى [1] كبيرا من الغمّ. وأعاد القائم بأمر الله رضوان الله عليه إلى مقرّ سلطانه، وفسح فى مدّته وبارك فى زمانه لإتمام عهده وانجاز وعده حتى يسلم الأمر منه على حين السن المستحقّة لتسلم أسبابه وتقمّص جلبابه. فكان ذخيرة الدين خلفا لنجله، وكان القائم بأمر الله عاد فى تلك النوبة لأجله، فاستحقّ بنفسه وارثه شرف الخلافة العظيمة، وحوى فى شرخ الشبيبة جميع محاسن الأخلاق الكريمة، وارتقى من المجد ما لا تبلغ الأوهام ذروته، [12] واجتنى من الحلم ما لا تحلّ الأيام حبوته، وساس الأمور بهمّة عليّة، وسيرة رضية، وخلافة جاءت كالنصر من السماء، ولم يكن مثل ذلك لا مثاله من الخلفاء، وكأنّما عناه أبو العتاهية بقوله:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرّر أذيالها
فلم تك تصلح إلّا له ... ولم يك يصلح إلّا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
فما خلا متقلّد للخلافة فى عصر ممن ينازع فى ردائها ويجاذب على عنانها، ويترشّح لمحلّها ويتطاول لمكانها، إلى أن يستقّر الرأى فى قراره، ويجتمع الأمر من أقطاره، الّا امام عصرنا المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين، فانّه تفرّد فى عصره بهذا الاستحقاق، واجتمعت الكلمة عليه لوقتها بالاصطلاح والاتّفاق. فلم يخطر منازعته بخلد ولا بال، ولو كان الزمان ذا