ويبكى على يده ويقول:

- «قد خدمت بها الخلافة ثلاث دفعات لثلاثة من الخلفاء وكتبت بها القرآن [583] دفعتين تقطع كما تقطع أيدى اللصوص أتذكر وأنت تقول لى:

أنت فى آخر نكبة وإنّ الفرج قريب؟» فقلت: «بلى والآن ينبغي أن تتوقّع الفرج فإنّه قد عمل بك ما لم يعمل بنظير لك وهذا انتهاء المكروه وما بعد الانتهاء إلّا الانحطاط.» فقال: «لا تفعل، فإنّ المحنة قد يتشبّث بى كما تشبّثت [1] حمّى الدّقّ بالأعضاء فلا تفارقني حتّى تؤدّينى إلى الموت.» ثمّ تمثّل بهذا البيت:

- «إذا ما مات بعضك فابك بعضا ... فبعض الشيء من بعض قريب»

فكان الأمر على ما قال.

ومن عجائبه أنّه كان يراسل الراضي من الحبس بعد قطع يده ويطمعه فى المال ويشير بأن يستوزره ويقول:

- «إنّ قطع يده ليس ممّا يمنع من استيزاره لأنّه يمكنه أن يحتال ويكتب.» وكانت تخرج له رقاع بعد قطع يده وقبل التضييق عليه. فيقال: إنّه كان يشدّ القلم على ساعده الأيمن ويكتب به.

ولمّا قرب بجكم من بغداد نقل من ذلك الموضع إلى موضع أغمض منه.

فلم يوقف له على خبر ومنعت من الدخول إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015