قال ثابت: فلمّا كان فى آخر هذا اليوم استدعاني الراضي وأمرنى بالدخول إليه وعلاجه. فصرت إليه فوجدته فى حجرة مقفلة عليه ففتح الخادم الباب فدخلت فرأيته بحال صعبة فدمعت عينه حين رآني ووجدت ساعده قد ورم ورما عظيما وعلى موضع القطع خرقة غليظة كردوانى كحلية [1] مشدودة بخيط قنب. فحللت [582] الشدّ ونحيت الخرقة فوجدت تحتها على موضع القطع سرجين الدوابّ فنفضته عنه وإذا رأس الساعد أسفل القطع مشدود بخيط قنب قد غاص فى ذراعه لشدّة الورم وابتدأ ساعده يسودّ. فعرّفته أنّ سبيل الخيط أن يحلّ ويجعل موضع السرجين كافور ويطلى ذراعه بالصندل وماء الورد [2] والكافور قال:

- «فافعل.» فقال الخادم الذي دخل معه:

- «حتّى استأذن مولانا.» ومضى يستأذن ثمّ خرج ومعه مخزنة كافور وقال لى:

- «قد أذن مولانا أن تعمل ما ترى وأن ترفق به وتقدّم العناية به وتلزمه إلى أن يهب الله عافيته.» فحللت الخيط وفرّغت المخزنة فى موضع القطع وطليت ساعده فعاش واستراح وسكن الضربان ولم أفارقه حتّى اغتدى بشيء يسير من فروّج ثمّ حلف أنّه ليس يسوغ له شيء آخر وشرب ماء باردا فرجعت إليه نفسه وانصرفت.

ثمّ تردّدت إليه أيّاما كثيرة إلى أن عوفي. وكنت إذا دخلت إليه يسألنى عن خبر ابنه أبى الحسين فأعرّفه استتاره وسلامته فتطيب نفسه ثمّ ينوح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015