قلت: «إلّا أنّه ابن المعتضد ولم تجيء برجل يأمر وينهى ويعرف ما لنا، وبمن يباشر التدبير بنفسه ويرى أنّه مستقلّ ولم لا تسلّم هذا الأمر إلى من يدعك [1] تدبّره أنت.» ثمّ شاور أبا الحسن علىّ بن عيسى فى اليوم الثالث واجتهد به أن يسمّى له أحدا، فامتنع وقال:
- «أنا لا أشير بأحد، ولكن ينبغي أن يتّقى الله وينظر للدين.» فمالت نفس العبّاس بن الحسن إلى رأس أبى الحسن ابن الفرات [59] ووافق ذلك ما كان المكتفي عهد به من تقليد أخيه جعفر الخلافة.
فلمّا مات المكتفي آخر نهار يوم السبت الثاني عشر من ذى القعدة، نصب الوزير العبّاس جعفرا [2] فى الخلافة على كراهية منه لصغر سنه.
ومضى صافى الحرمي فحدره من دار ابن طاهر. فلمّا اجتازت الحراقة التي حدر فيها وانتهت إلى [دار] [3] العبّاس بن الحسن صاح غلمان العبّاس بالملّاح أن: ادخل. [4] فوقع لصافى الحرمي أنّ العبّاس إنّما يريد أن يدخله إلى داره لتغيّر [5] رأيه فيه وأشفق أن يعدل عنه إلى غيره، فمنع الملّاح من الدخول وجرّد سيفه وقال للملّاح:
- «إن دخلت رميت برأسك.» فانحدر وجها واحدا إلى دار السلطان.