يطوفوا حولي وخلفي فى البراري ولا يتبعني الطلب فى البوادي.

- «ثمّ لا يحملهم البلد فى المقام ولا الزاد إن كانوا كثيرين، فلا بدّ أن ينصرف الجمهور ويبقى الأقلّ فهم قتلى سيوفى أوّل يوم نلتقي فيه. هذا إن سلموا من وباء هذه الناحية ورداءة ماءها وهواءها الذي نشأوا فى غيره وضدّه.

- «ففكّر فى هذا ونحوه وانظر هل يفيء [16] تعبك وتغريرك بعسكرك وجيشك وإنفاقك الأموال وتجهيزك الرجال وتكلّفك هذه الأخطار بطلبي وأنا مع هذا خالي الذرع منها سليم النفس والأصحاب من جميعها. فأمّا هيبتك فتنخرق، وأمّا الأطراف فتنتقض، وأمّا الملوك من الأعداء فتتجاسر. ثمّ لا تظفر من بلدي بطائل ولا تصل إلى حال ولا مال. فإن اخترت بعد هذا محاربتى فأقدم على بصيرة وأنفذ من شئت واضطرب كيف أحببت، وإن أمسكت فذاك إليك.» قال: ثمّ جهّزنى وأنفذ معى عشرة من أصحابه إلى الكوفة، فسرت منها إلى الحضرة ودخلت على المعتضد [1] فتعجّب من سلامتي، وسألنى عن خبري سؤالا حفيّا فقلت:

- «أخبرك يا أمير المؤمنين سرّا.» فتشوّق إليه وخلا بى. فلم أزل أقصّ عليه الخبر وهو يتمعّط [2] غليظا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015