ذكر الخبر عن ذلك كان أخوه عمر أخذه فقيّده وحمله إلى قلعة لأبى دلف بالزّز [1] وحبسه فيها وكلّ ما كان لأبى دلف من مال ومتاع نفيس وجوهر كان فى هذه القلعة، وشفيع مولاهم يحفظ القلعة وكلّ ما فيها [2] ومعه جماعة من غلمان عمر وثقاته. فلمّا استأمن عمر إلى السلطان وهرب بكر عاصيا للسلطان بقيت القلعة بما فيها فى يد شفيع وأبو ليلى مقيّد مسلّم إليه.
فكلّمه أبو ليلى فى إطلاقه فأبى وقال:
- «لا أخون صاحبي عمر.» فحكت جارية لأبى ليلى فى الحبس، أنّه كان معه غلام صغير يخدمه وآخر يخرج فى حوائجه ولا يبيت عنده، فأمّا الصغير فيبيت عنده. فقال أبو ليلى [5] لغلامه الذي يدخل ويخرج فى حوائجه:
- «احتل لى فى مبرد كيف شئت.» ففعل الغلام وأدخله فى شيء من طعامه. وكان شفيع يجيء فى كلّ ليلة إذا أراد أن ينام إلى البيت الذي فيه أبو ليلى، حتّى يراه، ثمّ يقفل عليه باب البيت هو بنفسه ويمضى فينام وتحت فراشه سيف مسلول. وكان أبو ليلى قد سأل أن تدخل إليه جارية، فأدخلت إليه جارية صغيرة السن.
فذكر عن دلفاء [3] جارية أبى ليلى عن هذه الجارية الصغيرة أنّها قالت:
برد أبو ليلى مسمار قيده، حتّى كان يخرجه من رجله إذا شاء ويردّه.