وكان علىّ بن عيسى قد أذلّ جبابرة أهل خراسان وأشرافهم، حتّى خرج منهم مثل الحسن بن مصعب إلى مكّة واستجار بالرشيد من علىّ بن عيسى فأجاره، وأظهر مثل هذا هشام بن فرخسروا، [1] أنّ الفالج قد أصابه حتّى أمكنه لزوم منزله. وكانت كتب حمويه وردت على هارون: أنّ رافعا لم يخلع ولا نزع السواد ولا من شايعه، وأنّ غايتهم عزل علىّ بن عيسى الذي سامهم المكروه.
ولمّا عزم الرشيد على عزل علىّ بن عيسى دعا هرثمة بن أعين مستخليا [2] به فقال:
- «إنّى لم أشاور فيك أحدا، ولم أطلعه على سرّى فيك غيرك، وقد اضطرب علىّ ثغر المشرق وأنكر أهل خراسان أمر علىّ بن عيسى إذ خالف عهدي ونبذه وراء ظهره، وقد كتب يستمدّ ويستجيش وأنا كاتب إليه فأخبره أنّى أمدّه بك وأوجّه إليه معك من الأموال والسلاح والقوّة والعدّة ما يطمئن إليه قلبه، وتتطلّع إليه نفسه، وأكتب معك كتابا بخطّى فلا تفضّنّه [3] ولا تطلعنّ فيه حتّى تصير إلى مدينة نيسابور، فإذا نزلتها فاعمل بما فيه وامتثله، ولا تجاوزه إن شاء الله.
- «وأنا موجّه معك رجاء الخادم بكتاب أكتبه إلى علىّ بن عيسى بخطّى ليتعرّف ما يكون منك ومنه ومورّ عنه [3] أمر علىّ فلا تظهرنّه عليه ولا تعلمنّه ما عزمت عليه فيه وتأهّب للمسير