وذكر ذلك الحكيم في بعض تصانيفه عن أرسطو أنه قال: إني ربما خلوت بنفسي كثيراً، وخلعت بدني فصرت كأني جوهر مجرد بلا بدن، فأكون داخلاً في ذاتي وخارجاً من سائر الأشياء، فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما أبقى له متعجباً باهتاً، فاعلم أني جزوء من العالم الشريف، وإني ذو حياة فعالة، فلما بقيت كذلك ترقيت بذهني من ذلك العالم إلى العوالم الإلهية فصرت كأني موضوع فيها، معلق بها، فأكون فوق العالم العقلي فأرى كأني واقف في ذلك الموقف الشريف وأرى هناك من البهاء والنور ما لا تقدر الألسن على صفته، والأسماع على قبول نعته فإذا استعز الشأن وغلبني ذلك النور والبهاء، ولم أقو على احتماله، هبطت من العقل إلى الفكرة، وحجبت الفكرة عني ذلك النور، فأقضي عجباً أني كيف انحدر (ت) من هذا العالم، وعجبت أني كيف رأيت نفسي ممتلئة نوراً، وهي مع البدن كهيئتها.
كان حكيماً فاضلاً، وطبيباً حاذقاً، وصديقاً للحكيم أبي الخير الذي تقدم ذكره.
ومن كلماته: البدن بناء، وحفظ الصحة عماده، ولا غناء للبيت عن الأساس والعماد.
قال: لذة الهوى لذة ساعة وألم دهر.
أبعث عينيك على نفسك، حتى لا يكون الناس بعيبك أعلم منك بنفسك.
في الناس معايب سترها أولى من كشفها.
إصلاح الأمور بوثاقة الرأي وشدة الرحمة.
رأس مروءة الملوك حب العلم والعلماء، ورحمة الضعفاء، والإجتهاد في مصلحة العامة.
من صرف رأيه في غير المهم ازرى بالمهم
طبيب ماهر وحكيم متفلسف، والغالب عليه علم الرياضة وعلم الطب. قال: إصابة الرأي حلية الملوك. وقال: عليك في مشورتك بالخبير العالم غير الحسود، فإن الجبان يضيق الأمور، والبخيل يقصر في طلب الغايات، والحريص يطلب الأمور من غير استكمال الآلات والأسباب.
المستشار اللبيب كالطبيب العالم الذي إن رأى ظاهر حال المريض في عرقه وتفسرته ولونه أطلع من باطن أمره على ما لا يطلع عليه المريض من نفسه، ثم عالجه على حسب ذلك.
كان أبو الخير أثنى على العماني وقال: هو أقوى أهل الزمان في صناعته. ومن كلماته قوله: حق على المرء أن يوكل معه كالئين أحدهما يكلؤه من أمامه والآخر من ورائه، وهما عقله وأخوه الناصح. ما ينفعك في ذاتك فاطلبه، وإن لم يكن فيه افتخار، وما يضرك في الدنيا والآخرة فاتركه وإن كان به افتخار.
من استبد بمعالجته في حال مرضه وإن كان طبيباً حاذقاً فقد يعرض للخطأ بجهده والاستشارة أداة كاملة.
كان حكيماً طبيباً وكان يعالج أصحاب الحميات معالجة شافية وله تصانيف في الحكمة والطب وكان في صناعة المنطق من الظاهرين.
ومن كلماته قوله: لا يرجى نيل معالي الأمور بكثرة الأعوان لكن بصلحاء الأعوان.
أعوذ بالله من صديق يحسن القول ولا يحسن العمل.
إذا باعدت صديقك ولايته، فاعلم أن أخلاقه تبدلت، فإن الأخلاق تستحيل في الولاية.
المحاسن إذا قويت انهزمت المساوي الولاية تبسط اللسان بالغلظة، فلا تغضبن من شتم الوالي. أذكر دائماً تلون الأحوال.
كان طبيباً لمعز الدولة، وقد أصاب معز الدولة فلج بشابور خواست فعالجه دانيال وصح. فبعد ذلك بثلاث سنين عرا معز الدولة سرسام حاد. فقال له الحمقى من الأطباء: هذه تأثيرات الأدوية الحارة التي عالجك بها دانيال دفعاً للفلج، فقبل المعز ذلك الكلام وغضب على دانيال، ولم يكن في حضرة المعز عالم منصف، فصار دانيال بسبب ذلك منكوباً، كما ذكره أبو الخير في كتابه محنة الأطباء. ومن كلمات دانيال قوله: إذا سئل غيرك فلا تجب، فإن ذلك استخفاف بالسائل والمسؤول.
لكل إنسان أليف قد أنس به فلا يطمع في أن يفرق بينهما.
من شرع في أمر بسبب حرصه بلا آلة وعلم فقد لبس لباس الغرور.
إذا جاء المرض من قبل الدواء النافع وجهته عجز الطبيب. من خدم السلطان قاسى في ساعة واحدة من الأذى والخوف ما لا يقاسيه غيره في زمان طويل.
بن بهدام السجستاني مصنف كتاب صوان الحكمة، كان حكيماً له تصانيف كثيرة أكثرها في المعقولات، منها رسالة في انتصاص طرق الفضائل، ومنها رسالة في المحرك الأول.