هُوَ دَاخِلٌ صِيغَةً غَيْرُ دَاخِلٍ حُكْمًا فَإِذَا كَانَ دَاخِلًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اعْتَبَرْنَاهُ دَاخِلًا فَيَجُوزُ وَإِلَّا فَغَيْرُ دَاخِلٍ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَعَ الْقِنِّ حَيْثُ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ صِيغَةً وَحُكْمًا إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِ بَيْعِهِمَا صَحَّ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْخِيَارُ يَمْنَعُ انْعِقَادَهُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصْلًا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ الثَّمَنَ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي نِصْفِهِ جَازَ فَصَّلَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُفَصِّلْ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَا يَتَفَاوَتُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي.
قَالَ (وَصَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ) وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ أَوْ يَبِيعَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ شَرْعَ الْخِيَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْغَبْنِ لِيَخْتَارَ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ وَالْأَوْفَقُ وَالْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ مُتَحَقِّقَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَثِقُ بِرَأْيِهِ أَوْ اخْتِيَارِ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِأَجْلِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالشِّرَاءِ كَيْ لَا يَبْقَى أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِتَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثَةِ لِوُجُودِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطِ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَرْبَعَةِ وَثُبُوتُ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجَةِ وَكَوْنُ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ اتِّفَاقًا لَا شَرْطًا.
قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ الشَّرْطِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي أَحَدِهِمَا حَتَّى لَا يُرَدَّ إلَّا أَحَدُهُمَا وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِيَارَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَهُنَا يَعْنِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِيمَا إذَا بَيَّنَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَقَالَ يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهُ كَذَا فِي الْمَأْذُونِ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتَهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ هَذَا الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِهِ فَإِنْ شُرِطَ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ فَإِذَا رَدَّهُمَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْمُدَّةِ أَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ بَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَيَبْقَى لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فَيَرُدُّ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَبْقَى خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا رَدُّ أَحَدِهِمَا قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ فِيهِ يُفِيدُ لُزُومَ الْعَقْدِ عِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِدُونِ تَعْيِينِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِشَرْطِ ذَلِكَ.
وَاَلَّذِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِحَالٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ اشْتِرَاطَ شَرْطٍ فَاسِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: هُوَ دَاخِلٌ) أَيْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.
(قَوْلُهُ: صِيغَةً) أَيْ فِي الْعَقْدِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَصَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ إلَخْ) وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ يُورَثُ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَوْلُهُ: يُورَثُ يُنْظَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ يُورَثُ فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ) نُسْخَةٌ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) نُسْخَةٌ أَوْ يَشْتَرِيَ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ) أَيْ وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ وَثَمَنُ الْكُلِّ مُتَّفِقٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ اهـ كَيْ (قَوْلُهُ: وَالْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ مُتَحَقِّقَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى زَوْجِ خُفٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى السُّوقِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مِنْ الدَّهَّاقِينِ أَوْ مِنْ النِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ فَيُحْمَلُ إلَيْهِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ حَتَّى يَخْتَارَ مَا يُوَافِقُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فُوِّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ يَأْخُذُ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَإِنْ انْعَدَمَتْ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِتَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنِ الْجَهَالَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ فِي جَامِعِهِ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ اهـ كَيْ.
(قَالَ قَوْلُهُ: ل فَخْرُ الْإِسْلَامِ) أَيْ فِي جَامِعِهِ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ اهـ كَيْ.
(قَوْلُهُ: وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتُهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ فِي خِيَارِ النَّقْدِ حَتَّى لَمْ يُجَوِّزْ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هَهُنَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي خِيَارِ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ تَعْلِيقٌ فَلَا يُلْحَقُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ الْأَثَرُ وَارِدًا فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ مِنْ جِنْسِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا حَرْفُ التَّعْلِيقِ فَكَانَ الْأَثَرُ وَارِدًا فِي حَقِّهِمَا مَعْنًى، كَذَا قِيلَ. اهـ. دِرَايَةٌ