ذَلِكَ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ فَكَذَا دَلَالَةً بِالْفِعْلِ وَهَذَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ النَّائِبِ إنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الْمُتَصَرِّفِ بِنَفْسِهِ فَيَلْغُو، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ حَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا يُقَدَّمُ تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فَكَانَ الْمَوْجُودُ مِنْ الْوَكِيلِ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَكَانَ الصَّادِرُ عَنْ الْوَكِيلِ صَادِرًا عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَصَرِّفِ مُتَحَقِّقَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكٌ لِلتَّصَرُّفِ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِمَا لِلِاسْتِحَالَةِ فَوَجَبَ التَّرْجِيحُ بِحَالِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْعَكْسِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ كَنِكَاحِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إذَا وُجِدَا مَعًا يَنْفُذُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِوُرُودِهِ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَفُسِخَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ عَادَ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ.

كَمَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا لَا يَلْزَمُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي إجَازَةٍ تَرِدُ عَلَى الْمَفْسُوخِ وَلَا إجَازَةَ هُنَا فَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بَلْ يَسْتَوِيَانِ عِنْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ عَلَى تَصَرُّفِ النَّائِبِ عِنْدَهُ وَاسْتَخْرَجَ ذَلِكَ مِمَّا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ شَخْصٍ وَبَاعَ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِهِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَالِكِ تَقْدِيمًا لِتَصَرُّفِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَوِيَانِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ التَّصَرُّفِ فِي عَدَمِ تَقْدِيمِ الْمُتَصَرِّفِ بِالْمِلْكِ عِنْدَهُ وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِمَا.

قَالَ (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا إنْ فَصَّلَ وَعَيَّنَ صَحَّ وَإِلَّا لَا) أَيْ صَحَّ إنْ فَصَّلَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَيَّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الْعَقْدِ غَيْرَهُ فَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ مَعْلُومًا وَثَمَنُهُ مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ إذْ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ وَلَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا - أَنْ يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَيُبَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ. وَالثَّانِي - أَنْ لَا يُبَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَالثَّالِثُ - أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ. وَالرَّابِعُ - بِالْعَكْسِ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ لِجَهَالَتِهِمَا إلَّا فِي الْأُولَى لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا فَإِنْ قِيلَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَجْعَلَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا فَإِنْ جَعَلْته دَاخِلًا فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يُفَصِّلْ إذْ لَيْسَ بَيَانُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَلَا بَيَانُ ثَمَنِهِ شَرْطًا لِجَوَازِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ جَعَلْته غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَصَّلَ؛ لِأَنَّك جَعَلْت قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَهُمَا قُلْنَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ) أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ أَرَادَ بِهِ الثَّلَاثَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ الْمَفْسُوخُ) الَّذِي فِي النُّسَخِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ) أَيْ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَنَقَضَ الْبَيْعَ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَعَيَّنَ صَحَّ إلَخْ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ لِجَهَالَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ) أَيْ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ) إلَخْ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا فَسَدَ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِمَا أَنَّ الْخِيَارَ دَاخِلٌ فِي الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ فَيُمْنَعُ الْحُكْمُ بَعْدَ السَّبَبِ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ كَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ ثُمَّ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ دُونَ الْآخَرِ مَا نَصُّهُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ بِالْعَكْسِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَا يُفَصِّلُ الثَّمَنَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ) أَيْ لِمَا أَنَّ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَثَمَنُهُ مَجْهُولٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ، وَقَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا يَتَعَيَّنُ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مَجْهُولٌ لِمَا قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ) وَهَذَا لِمَا قُلْنَا إنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ مَا نَصُّهُ بِسَبَبِ جَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّك جَعَلْتَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ اهـ.

(قَوْلُهُ: قُلْنَا إلَخْ) قَدْ أَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ إلَى السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ وَقَبُولُ الْعَبْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ إنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ لَكِنْ هَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ لِكَوْنِهِ أَيْ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَبَاعَهُمَا بِأَلْفٍ حَيْثُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْمُدَبَّرِ شَرْطًا فِيهِ وَذَلِكَ لِدُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِمَحَلِّيَّتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ وَكَانَ الْقَبُولُ شَرْطًا صَحِيحًا فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاشِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015