يُدَارُ عَلَى سَلَامَةِ الْآلَةِ كَالْخَصِيِّ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهَا التَّسْلِيمُ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ، وَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَاسْتَحَقَّتْ كَمَالَ الْمَهْرِ بِالِاتِّفَاقِ، قِيلَ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُنْزِلُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْزِلُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَجِبُ الْعِدَّةُ فِيهَا) أَيْ تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْخَلْوَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً اسْتِحْسَانًا لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الشَّرْعِ وَالْوَلَدِ فَلَا يَصْدُقَانِ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا صَحَّتْ الْخَلْوَةُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يُحْتَاطُ فِي إيجَابِهِ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَانِعَ إنْ كَانَ شَرْعِيًّا تَجِبُ الْعِدَّةُ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا كَالْمَرَضِ وَالصِّغَرِ لَا تَجِبُ لِانْعِدَامِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً

وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَقَامُوا الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ الْبَعْضِ فَأَقَامُوهَا فِي حَقِّ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ وَنِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةِ الْبَنَاتِ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ وَالرَّجْعَةِ وَالْمِيرَاثِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ وُقُوعِ طَلَاقٍ آخَرَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَقَعَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إلَّا لِلْمُفَوِّضَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَإِنَّ الْمُتْعَةَ لَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَخْرَجَ الْمُتْعَةَ لَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَبَّةً، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مُسْتَحَبًّا وَزِيَادَةً؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمُسْتَحَبِّ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ يَتَنَاوَلُ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَتَكُونُ الْمُتْعَةُ لَهَا مُسْتَحَبَّةً ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْحَصْرِ

وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْمُتْعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إلَّا لِمُطَلَّقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا وَفِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُدَارُ عَلَى سَلَامَةِ الْآلَةِ) يُعْطِي أَنَّ خَلْوَةَ الْخَصِيِّ صَحِيحَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهَا التَّسْلِيمُ إلَخْ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ الْمُطَلَّقَةُ الثَّلَاثُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِمَجْبُوبٍ فَطَلَّقَهَا إنْ لَمْ تَحْبَلْ مِنْ الْمَجْبُوبِ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الدُّخُولُ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَإِنْ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَصَارَتْ مُحْصَنَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الدُّخُولُ حُكْمًا لِثَبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِنِّينِ أَنَّ امْرَأَةَ الْمَجْبُوبِ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ التَّفْرِيقِ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ احْتِيَاطًا اهـ. ع (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً) أَيْ لِلْمَوَانِعِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ إلَخْ) نَظَرًا إلَى التَّمَكُّنِ الْحَقِيقِيِّ، وَكَذَا فِي الْمَجْبُوبِ لِقِيَامِ احْتِمَالِ الشَّغْلِ بِالْمُسْتَحَقِّ وَلِذَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُنْزِلُ يَثْبُتُ وَإِنْ عُلِمَ بِخِلَافِهِ فَلَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَعِلْمُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْزِلُ أَوْ لَا رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ قَالَ الْعَتَّابِيُّ تَكَلَّمَ مَشَايِخُنَا فِي الْعِدَّةِ الْوَاجِبَةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ظَاهِرًا أَوْ حَقِيقَةً فَقِيلَ لَوْ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ مُتَيَقِّنَةٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ حَلَّ لَهَا دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَقَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ حَقُّ الشَّرْعِ وَلِذَا لَا تَسْقُطُ لَوْ أَسْقَطَاهَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ وَتَتَدَاخَلَ الْعِدَّتَانِ وَلَا يَتَدَاخَلُ حَقُّ الْعَبْدِ وَالْوَلَدِ أَيْ وَحَقُّ الْوَلَدِ وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِهَا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا يُحْتَاطُ فِي إيجَابِهِ غَيْرَ أَنَّ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهَا حَقُّ الْوَلَدِ تَأَمُّلًا اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ إلَخْ) مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ أَوْ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ خَلْوَةٍ فَاسِدَةٍ تَجِبُ الْعِدَّةُ فِيهَا بَلْ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْبَعْضِ مِنْهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَالْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَظَاهِرُهُ ضَعْفُ مَا قَالَ الْقُدُورِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ لِانْعِدَامِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً) فَكَانَ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ حَيْثُ قِيَامُ الْيَقِينِ بِعَدَمِ الشَّغْلِ وَمَا قَالَهُ قَالَ بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ إلَّا أَنَّ الْأَوْجَهَ عَلَى هَذَا أَنْ يُخَصَّ الصَّغِيرُ بِغَيْرِ الْقَادِرِ وَالْمَرِيضُ بِالْمُدْنِفِ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً فِي غَيْرِهِمَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ فِيهِ بَلْ بِحَقِيقَةِ الدُّخُولِ اهـ. كَمَالٌ وَفِي فُصُولِ الْأَسْرُوشَنِيُّ قَالَ وَرَأَيْت فِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إذَا خَلَا بِهَا فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ هَلْ يَكُونُ إجَازَةً قَالَ يَكُونُ إجَازَةً؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْسُ الْخَلْوَةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةِ الْبَنَاتِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَى بِامْرَأَتِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا تَحْرُمُ بَنَاتُهَا اهـ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِالْأُمِّ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالرَّجْعَةِ) يَعْنِي إذَا خَلَا بِالْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمِيرَاثِ) أَيْ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ لَا يَرِثُ مِنْهَا لِلِاحْتِيَاطِ الْوَاجِبِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَقَعَ) أَقُولُ الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَائِنٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ بَائِنٌ فَالثَّانِي أَوْلَى فَيَلْزَمُ لُحُوقُ الْبَائِنِ الْبَائِنَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَفْيُهُ اهـ. مُجْتَبَى وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَجَبَ أَنْ تَقَعَ احْتِيَاطًا اهـ. قَوْلُهُ: مُشْكِلٌ لَا إشْكَالٌ وَانْظُرْ مَا كَتَبْته عَلَى هَامِشِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إلَّا لِلْمُفَوِّضَةِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا مُتْعَةَ لَهَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ. وَقَوْلُهُ: إلَّا لِلْمُفَوِّضَةِ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَوَقَعَ بِهِ السَّمَاعُ؛ لِأَنَّهَا مُفَوِّضَةٌ نَفْسَهَا لِوَلِيِّهَا وَلِلزَّوْجِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ فَوَّضَهَا وَلِيُّهَا لِلزَّوْجِ وَهِيَ الَّتِي زُوِّجَتْ بِلَا مَهْرٍ مُسَمًّى اهـ. كَمَالٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015