أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ، وَقِيلَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يَمْنَعَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُمَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ وَرُوِيَ أَنَّهُ رَجَعَ قَالَ هِشَامٌ كَانَ مُحَمَّدٌ يَرَى لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى، ثُمَّ رَجَعَ قَالَ مُحَمَّدٌ: كُنْت قُلْت بِالرِّقَّةِ هَذَا، ثُمَّ رَجَعْت وَقُلْت يُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى وَفِي الْجَوَارِي لَا يُكْرَهُ وَتَكُونُ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ جَارِيَتُهَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ بِخِلَافِ جَارِيَتِهِ
وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا كَلْبٌ عَقُورٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَقُورًا فَإِنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ مَعَهُ، ثُمَّ إنَّمَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ إذَا كَانَا فِي مَكَان يَأْمَنَانِ عَنْ اطِّلَاعِ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا أَوْ يَهْجُمُ كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ وَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَالْحَمَّامِ، وَكَانَ شَدَّادٌ يَقُولُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ يَصِحُّ الْخَلْوَةُ إذَا كَانَتْ فِي الظُّلْمَةِ وَهُمَا كَالسُّتْرَةِ
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ ذَهَبَ بِامْرَأَتِهِ إلَى رُسْتَاقٍ فَرْسَخَيْنِ بِاللَّيْلِ فِي طَرِيقِ الْجَادَّةِ لَا تَكُونُ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً، وَإِنْ عَدَلَ بِهَا عَنْ الطَّرِيقِ إلَى مَكَان خَالٍ كَانَتْ صَحِيحَةً وَلَوْ حَجَّ بِهَا فَنَزَلَ فِي مَفَازَةٍ مِنْ غَيْرِ خَيْمَةٍ، فَلَيْسَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً، وَكَذَا فِي الْجَبَلِ وَفِي الْبَيْتِ غَيْرِ الْمُسَقَّفِ تَصِحُّ، وَكَذَا عَلَى سَطْحِ الدَّارِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى مُطْلَقًا قَالُوا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى جَوَانِبِهِ سَاتِرٌ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ شَدَّادٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ تَصِحُّ إذَا كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي بُسْتَانٍ لَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَفِي مَحْمَلٍ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا فَهِيَ خَلْوَةٌ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ مِنْ ثَوْبٍ رَقِيقٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ، وَكَذَا السُّتْرَةُ الْقَصِيرَةُ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ رَجُلٌ رَآهُمَا وَلَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ أَوْ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ هَكَذَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ تَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ نَائِمَةً وَلَوْ عَرَفَهَا هُوَ وَلَمْ تَعْرِفْهُ هِيَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَلَوْ رَدَّتْ أُمُّهَا الْبَابَ وَلَمْ تَغْلِقْ وَهُمَا فِي خَانٍ يَسْكُنُهُ النَّاسُ وَالنَّاسُ قُعُودٌ فِي سَاحَةِ الْخَانِ يَنْظُرُونَ مِنْ بَعِيدٍ فَإِنْ كَانُوا مُتَرَصِّدِينَ لَهُمَا فِي النَّظَرِ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَإِلَّا فَتَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمَا يَقْدِرَانِ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَى زَاوِيَةٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى سُتْرَةٍ لَا تَقَعُ أَبْصَارُهُمْ عَلَيْهِمَا
وَقَدْ قِيلَ لَوْ كَانَ الْبَيْتُ فِي دَارٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنٍ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَفِي الْبَدَائِعِ الْخَلْوَةُ فِي الْحَجَلَةِ وَالْقُبَّةِ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَلَوْت بِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَلَا بِهَا طَلُقَتْ فَيَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ.
(فَرْعٌ).
وَفِي الْمُحِيطِ قِيلَ يَدْخُلُ بِهَا إذَا بَلَغَتْ، وَقِيلَ إذَا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً جَسِيمَةً تُطِيقُ الْجِمَاعَ يَدْخُلُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْخِتَانِ قِيلَ لَا يُخْتَنُ حَتَّى يَبْلُغَ؛ لِأَنَّهُ لِلطَّهَارَةِ وَلَا طَهَارَةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَقِيلَ إذَا بَلَغَ عَشْرًا، وَقِيلَ تِسْعًا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا) يَعْنِي خَلْوَتُهُ بِهَا بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ الَّتِي ذَكَرَهَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا وَفِي الْمَجْبُوبِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِنْ الْمَرِيضِ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ جَارِيَتُهَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ) وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مَعَهَا جَارِيَتُهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ اهـ. خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جَارِيَتِهِ) وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَفِي أَمَتِهِ رِوَايَتَانِ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ) قَالَ الْكَمَالُ وَعِنْدِي أَنَّ كَلْبَهُ لَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ عَقُورًا؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ قَطُّ لَا يَتَعَدَّى عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا عَلَى مَنْ يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: تَصِحُّ الْخَلْوَةُ إذَا كَانَتْ فِي الظُّلْمَةِ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْإِحْسَاسُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ أَلَا تَرَى إلَى الْمَنْعِ لِوُجُودِ الْأَعْمَى وَالْإِبْصَارُ لِلْإِحْسَاسِ اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهَا) أَيْ فَمَكَثَتْ اهـ. خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ) هَذَا الْفَرْعُ نَقَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْفَتَاوَى، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْعِدَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْخِتَانِ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا أَخَّرَ الْخِتَانَ عَنْ عَشْرِ سِنِينَ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ؛ لِأَنَّ عَشْرَ سِنِينَ نِهَايَةُ وَقْتِ الْخِتَانِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ يُضْرَبُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فَيُؤْمَرُ بِالْخِتَانِ حَتَّى يَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّطْهِيرِ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ الْخِتَانَ عَنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ هَذَا أَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ فِيهَا بُلُوغُ الْغُلَامِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ، وَقَالَ احْتَلَمْت يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ احْتَلَمْت لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجْبُوبًا) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ وَالْخَصِيُّ هُوَ الَّذِي قُلِعَتْ خُصْيَتَاهُ اهـ. عَيْنِيٌّ، وَقَدْ فَسَّرَ الْعَيْنِيُّ فِي بَابِ الْعِنِّينِ الْمَجْبُوبَ بِمَا فَسَّرَهُ هُنَا، وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ فِي فَصْلِ الْعِنِّينِ مَا نَصُّهُ وَالْمَجْبُوبُ وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ أَصْلًا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْجِيلِ وَالْخَصِيُّ كَالْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ لَهُ آلَةً تَنْتَصِبُ وَيُجَامِعُ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَحْبَلُ وَهُوَ الَّذِي سُلَّتْ أُنْثَيَاهُ اهـ. فَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَحْبَلُ يُشْكِلُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْمَجْبُوبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْمَجْبُوبِ الَّذِي يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مِنْ قَطْعِ ذَكَرِهِ فَقَطْ وَبَقِيَتْ أُنْثَيَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَقِيمُ مَا قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارِ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَمْلِ الْمَجْبُوبِ الَّذِي يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ عَلَى مَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَقَطْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الطَّوَاشِي اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ عِنِّينًا) أَيْ وَهُوَ الَّذِي فِي آلَتِهِ فُتُورٌ اهـ. ع (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْبُوبِ خِلَافٌ) قَالَ الْحَدَّادِيُّ، وَإِذَا خَلَا الْمَجْبُوبُ بِامْرَأَتِهِ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا إجْمَاعًا اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِنْ الْمَرِيضِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرِيضَ رُبَّمَا يُجَامِعُ وَالْمَجْبُوبُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَصْلًا لِعَدَمِ الْآلَةِ فَلَمَّا لَمْ تَصِحَّ خَلْوَةُ الْمَرِيضِ فَلَأَنْ لَا تَصِحَّ خَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ أَوْلَى بِخِلَافِ الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مِنْهُ مُتَصَوَّرٌ اهـ.