مَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا وَتَخْرُجُ الزَّكَاةُ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْإِنْفَاقُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حَقًّا لِقَرَابَتِهِ وَالسَّفَهُ لَا يُبْطِلُ حُقُوقَ النَّاسِ وَلَا حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُ إلَيْهِ قَدْرَ الزَّكَاةِ لِيُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِيتَاءُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ هُوَ عِبَادَةٌ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِنِيَّتِهِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي مَعَهُ أَمِينًا كَيْ لَا يَصْرِفَهَا إلَى غَيْرِ الْمَصْرِفِ وَيُسَلِّمُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إلَى أَمِينِهِ لِيَصْرِفَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى النِّيَّةِ فَاكْتَفَى فِيهَا بِفِعْلِ الْأَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ نَذَرَ نَذْرًا مِنْ هَدْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ وَغَيْرَهَا بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ بِفِعْلِهِ.

وَلَوْ فُتِحَ لَهُ هَذَا الْبَابُ لِيَذَرَ أَمْوَالَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ بِخِلَافِ مَا يَجِبُ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَإِنْ أَرَادَ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا صُنْعٌ، وَفِي الْفَرَائِضِ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْمُصْلِحِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهِ وَلَا يُسَلِّمُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إلَيْهِ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ مِنْ الْحَاجِّ يُنْفِقُهَا عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ كَيْ لَا يُبَذِّرَ وَلَا يُسْرِفَ، وَلَوْ أَرَادَ عُمْرَةً وَاحِدَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ فَصَارَتْ كَالْحَجِّ تَطَوُّعًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَيُمْكِنُ مِنْهَا احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ إنْشَاءِ السَّفَرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ وَالْمُؤْنَةُ تَقِلُّ فِيهِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَسُوقَ بَدَنَةً تَحَرُّزًا عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يُجَوِّزُ إلَّا الْبَدَنَةَ وَإِنْ جَنَى فِي إحْرَامِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَذْهَبُهُمَا فَإِنَّهُ يَتَسَفَّهُ فِي هَذَا وَيُتَصَوَّرُ السَّفَهُ عَادَةً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْجُرَانِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُمَا يَقُولَانِ السَّفَهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ بِهَذَا الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ السَّفَهَ الْمُعْتَادَ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَوْعُ غَرَضٍ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا وَلَيْسَ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْصُلُ إلَيْهِ لَذَّةٌ أَوْ رَاحَةُ غَرَضٍ وَبَعْدَ الدُّخُولِ إنْ تَحَقَّقَ غَرَضٌ لَكِنَّهُ مَحْصُورٌ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمُجَاوَزَةُ عَنْ حَدِّهِ وَالسَّفَهُ مُجَاوَزَةٌ عَنْ الْحَدِّ فِي كُلِّ بَابٍ أَوْ يُقَالُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِعُذْرِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ رَدِّهِ أَنْ يُلْحِقَهُ بِالْهَازِلِ وَالْهَازِلُ وَالْجَادُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَى السَّفِيهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَفْسُدُ ذَلِكَ وَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَكِنْ يَدْفَعُهُ إلَى أَمِينِهِ ثُمَّ يَأْمُرُهُ الْمَحْجُورُ بِأَنْ يَصْرِفَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَتَأَدَّى مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ يَبْعَثُ الْقَاضِي) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ الْقَاضِي النَّفَقَةَ) أَيْ نَفَقَةَ وَلَدِ السَّفِيهِ وَزَوْجَتِهِ وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ وَغَيْرَهَا بِالصَّوْمِ) يَصُومُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ اهـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ عِنْدَهُمَا لَوْ ظَاهَرَ هَذَا الْمُفْسِدُ مِنْ امْرَأَتِهِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ عَنْ مَالِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ ظِهَارٍ سَعَى الْغُلَامُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إتْلَافُ مَالِهِ وَاجِبُ النَّقْضِ ثُمَّ لَا يَجْزِيهِ عَنْ ظِهَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إعْتَاقًا بِعِوَضٍ وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ بِالصَّوْمِ لِمَا قُلْنَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ الْمُصْلِحَ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ سَعَى الْغُلَامُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِلسِّعَايَةِ الَّتِي وَجَبَتْ كَذَا هَذَا فَإِنْ صَامَ الْمُفْسِدُ أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ بِمَنْزِلَةِ مُعْسِرٍ أَيْسَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عَنْهُ مَالُهُ حِينَئِذٍ فَصَارَ قَادِرًا عَلَى الْإِعْتَاقِ بِلَا سِعَايَةٍ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِمَا جُعِلَ خَلَفًا فِي الْكَفَّارَةِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْخَلَفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي اهـ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ) وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّفِيهِ إلَّا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعْطِيهِ الزَّكَاةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ كَيْ لَا يَفْسُدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ ضَاعَ مِنِّي فَيُطْلَبُ آخَرُ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى مَالِهِ وَلَكِنْ يَدْفَعُ إلَى أَمِينِهِ حَتَّى يُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ بِأَمْرِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ لَا يُصَدَّقُ السَّفِيهُ فِي إقْرَارِهِ بِالنَّسَبِ إذَا كَانَ رَجُلًا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَمَوْلَى الْعَتَاقِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُصْلِحَ فِي حَقِّ إثْبَاتِ النَّسَبِ سَوَاءٌ وَالْمُصْلِحُ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ بِالنَّسَبِ فِي الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ، فَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَكَذَا هَذَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُفْسِدَةُ امْرَأَةً فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بِالْوَالِدِ وَالزَّوْجِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَلَا تُصَدَّقُ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْوَلَدِ وَهِيَ وَالْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، ثُمَّ إذَا صُدِّقَ فِي إقْرَارِهِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ إنْ ثَبَتَ عُسْرُ هَؤُلَاءِ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَكِنَّ السَّفِيهَ أَقَرَّ بِعُسْرِهِمْ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقَرَابَةِ وَالْعُسْرِ فَيُضَافُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى آخِرِهِمَا ثُبُوتًا وَمَتَى كَانَ الْعُسْرُ ثَابِتًا وَآخِرُهُمَا ثُبُوتًا النَّسَبُ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالنَّسَبِ لَا بِالْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ جَائِزٌ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْعُسْرِ بَعْدَ النَّسَبِ يَكُونُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ مُضَافًا إلَى الْعُسْرِ وَإِذَا كَانَ مُضَافًا إلَيْهِ فَقَدْ جُعِلَ مُقِرًّا بِإِيجَابِ مَالٍ عَلَى نَفْسِهِ لَا بِالنَّسَبِ فَلَا يُصَدَّقُ.

وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ لِلْمَرْأَةِ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا فِيمَا مَضَى إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَيَصِيرُ مُقِرًّا بِإِيجَابِ دَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015