عَلَى ذِي الْيَدِ وَهُوَ الْغَصْبُ وَأَشْبَاهُهُ إذْ هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ أَصْلًا وَأَوَّلِيَّةُ الْمِلْكِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بِالْيَدِ فَأَصْلُ الْمِلْكِ ثَابِتٌ بِهَا ظَاهِرًا فَكَانَ ثَابِتًا بِالْيَدِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَكَانَ إثْبَاتُ غَيْرِ الثَّابِتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى إذْ الْبَيِّنَةُ لِلْإِثْبَاتِ وَمَا قَالَهُ عِيسَى غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي خَارِجَيْنِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَا قَالَهُ هُوَ لَتَهَاتَرَتَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَالسَّوَاقِطُ فِي يَدِ الْآخَرِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يُقْضَى بِهَا وَبِالسَّوَاقِطِ لِمَنْ فِي يَدِهِ أَصْلُ الشَّاةِ

وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَا ذَكَرَهُ لَتُرِكَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَثَمَرَةُ مَا قَالَهُ تَظْهَرُ فِي التَّحْلِيفِ لِأَنَّهُمَا إذَا تَهَاتَرَا يُصَارُ إلَى التَّحْلِيفِ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ عِنْدَهُ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَأَنَّهُ وُلِدَ عِنْدَهُ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ نِتَاجِ بَائِعِهِ كَمَا أَنَّهُ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ وَلَوْ حَضَرَ الْبَائِعَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى فَكَذَا مَنْ قَامَ مَقَامَهُمَا

وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ كَانَ صَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ وَبَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّعْوَى بَيْنَ الْخَارِجَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ قَضَى بِالنِّتَاجِ لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ثَالِثٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يَقْضِي لَهُ إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا ذُو الْيَدِ لِأَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَكَذَا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ تُقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْخَارِجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَى ذِي الْيَدِ شَيْئًا لِأَنَّ مِلْكَ ذِي الْيَدِ ثَبَتَ بِالنِّتَاجِ صَرِيحًا وَبَعْدَ مَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ بِهِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِلْخَارِجِ بِذَلِكَ السَّبَبُ لِأَنَّ النِّتَاجَ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مَا اسْتَحَقَّهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِذِي الْيَدِ بِظَاهِرِ الْيَدِ مُسْتَحَقًّا عَلَى ذِي الْيَدِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ الْأَصْلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْيَدِ فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ مَا اسْتَحَقَّهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِذِي الْيَدِ بِظَاهِرِ الْيَدِ مُسْتَحَقًّا عَلَى ذِي الْيَدِ فَجُعِلَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فَإِذَا لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي حَقِّ النِّتَاجِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَصٍّ تُرِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِلِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا يُقْضَى لَهُ فِيهَا وَإِلَّا قُضِيَ لَهُ فِيهَا

وَقَوْلُهُ وَسَبَبُ مِلْكٍ لَا يَتَكَرَّرُ مَعْنَاهُ كُلُّ سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ فِي الْمِلْكِ إذَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ الْيَدِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ النِّتَاجِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَذَلِكَ مِثْلُ حَلْبِ اللَّبَنِ وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبَدِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَالْمِرْعِزَّى وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَنَسْجِ الثَّوْبِ مِنْ غَزْلِهِمَا وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ وَهُوَ مِثْلُ الْخَزِّ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ لِأَنَّ ثَوْبَ الْخَزِّ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ إذَا بَلِيَ يُنْقَضُ وَيُغْزَلُ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ يُنْسَجُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَا الْيَدِ نَسَجَهُ ثُمَّ غَصَبَهُ الْخَارِجُ وَنَقَضَهُ ثُمَّ نَسَجَهُ فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ بَلْ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَالزِّرَاعَةَ يَتَأَتَّى فِيهَا التَّكْرَارُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ يُسْأَلُ عُدُولُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي وَالْأَحْوَطُ الِاثْنَانِ

وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قُضِيَ بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْعُدُولُ عَنْهُ بِخَبَرِ النِّتَاجِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّعْوَى نَصَّا أَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ وُجِدَ فِي مِلْكِهِ حَتَّى إذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ذُو الْيَدِ وَحْدَهُ نَسَجْت هَذَا الثَّوْبَ أَوْ نُتِجَتْ هَذِهِ الدَّابَّةُ عِنْدِي كَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْسِجُ لِغَيْرِهِ وَتَلِدُ دَابَّةُ الْغَيْرِ عِنْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ نَسَجَهُ فِي مِلْكِهِ وَأَنَّ الدَّابَّةَ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَبَقِيَ دَعْوَى مُطْلَقِ الْيَدِ وَفِيهِ الْخَارِجُ أَوْلَى وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيهِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ وَيَقُولَ نَسَجْتُهُ فِي مِلْكِي أَوْ نُسِجَ فِي مِلْكِي أَوْ وَلَدَتْ الدَّابَّةُ فِي مِلْكِي وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ هَذَا جُبْنِي اتَّخَذْته أَنَا أَوْ قَالَ اللَّبَنُ الَّذِي اُتُّخِذَ مِنْهُ هَذَا الْجُبْنُ مِلْكِي أَوْ الشَّاةُ الَّتِي حُلِبَ مِنْهَا لَبَنُهُ مِلْكِي كَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ قَالَ اتَّخَذْتُهُ فِي مِلْكِي أَوْ حُلِبَ لَبَنُهُ فِي مِلْكِي كَانَ ذُو الْيَدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ عِيسَى إلَخْ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الرَّدِّ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى عِيسَى لَوْ كَانَ عِيسَى شَارِحًا لِكَلَامِ مُحَمَّدٍ أَمَّا إذَا كَانَ مَا قَالَهُ عِيسَى مَذْهَبًا لَهُ لَا لِمُحَمَّدٍ كَيْف يَرُدُّ عَلَيْهِ بِمَذْهَبِ مُحَمَّدٍ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ يُصَارُ إلَى التَّحْلِيفِ) أَيْ تَحْلِيفِ ذِي الْيَدِ لِلْخَارِجِ عِنْدَ عِيسَى وَعِنْدَنَا لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَسَبَبُ مِلْكٍ لَا يَتَكَرَّرُ) يَعْنِي إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى نَسْجِ ثَوْبٍ فِيمَا لَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ كَغَزْلِ الْقُطْنِ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّ مَا لَا يَتَكَرَّرُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَهُوَ لَا يَتَكَرَّرُ وَكَذَلِكَ حَلْبُ اللَّبَنِ فَإِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ حُلِبَ فِي مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ اتِّخَاذُ الْجُبْنِ بِأَنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْجُبْنَ لَهُ صَنَعَهُ فِي مِلْكِهِ وَكَذَا اتِّخَاذ اللِّبَدِ وَالْمِرْعِزَّى أَنَّهُ صَنَعَهُ فِي مِلْكِهِ وَكَذَا الصُّوفُ إذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صُوفُهُ جَزَّهُ مِنْ غَنَمِهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوْلَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ حَلْبِ اللَّبَنِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ حَلَبَ هَذَا اللَّبَنَ فِي مِلْكِي اهـ فُرِشَتَا (قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبَدِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَكَذَلِكَ الْغَرْسُ وَزِرَاعَةُ الْحُبُوبِ فَتَكَرَّرَ فَإِنَّهُ يَغْرِسُ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ يَقْلَعُ وَيَغْرِسُ ثَانِيًا وَكَذَلِكَ الْحُبُوبُ تُزْرَعُ ثُمَّ تُغَرْبَلُ فَتُزْرَعُ مَرَّةً أُخْرَى. اهـ. (قَوْلُهُ إذَا بَلَا) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ إذَا بَلِيَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى مِنْ بَابِ تَعِبَ بِلًى بِالْكَسْرِ اهـ قَالَ الْكَاكِيُّ وَالْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ سُمِّيَ الثَّوْبُ الْمُتَّخَذُ مِنْ وَبَرِهِ خَزًّا قِيلَ هُوَ يُنْسَجُ فَإِذَا بَلِيَ يُغْزَلُ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ يُنْسَجُ. اهـ (قَوْلُهُ وَإِقْرَارُهُ) أَيْ وَإِقْرَارُ ذِي الْيَدِ بِالْمُلْكِ لِلْخَارِجِ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015